وقال الكلبي في كتابه «الأصنام» : واستهترت العرب في عبادة الأصنام ، فمنهم من اتّخذ بيتا ، ومنهم من اتّخذ صنما ، ومن لم يقدر على بناء البيت ولا اتّخاذ الصنم اتّخذ حجرا من الحرم أو ممّا استحسن ثمّ طاف به كطوافه بالبيت ، فكان الرجل إذا سافر فنزل منزلا أخذ أربعة أحجار فنظر إلى أحسنها فاتّخذه ربّا وجعل الثلاثة الاخرى أثافي لقدره فإذا ارتحل تركها. وكانوا يذبحون وينحرون عندها ويتقرّبون بذلك إليها (١).
ومن تقديسهم لدماء ذبائحهم القرابين لهياكل الأصنام والأوثان ينصبون لديها أحجارا هي النصب والأنصاب ، يصبّون عليها دماء ذبائحهم التي يتقرّبون بها إلى الهتهم ، فالأنصاب والأزلام كانت من لوازم الأوثان والأصنام في كلام الله تعالى : (وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(٢).
وكان لها سدنة وحجّاب. وبجانب سدنة البيوت المقدّسة كان هناك كهّان يدّعون أنّه سخّر لهم طائف من الجنّ يسرق لهم السمع فيعرفون منهم ما كتب الله للناس في ألواحهم ، رجالا ونساء.
فممّن عرف من رجالهم : سطيح الذئبي ، وسلمة الخزاعي ، وسواد بن قارب الدوسي ، وشقّ بن مصعب الأغاري ، وعزّى سلمة ، وعوف بن ربيعة الأسدي (٣).
__________________
(١) الأصنام للكلبي : ٣٣.
(٢) المائدة : ٩٠.
(٣) ابن هشام ١ : ١٦ والأغاني ٩ و ١٥ : ٧٠ و ٨٤ ويقال : قيل لسطيح : من أين لك هذا العلم؟ قال : من صاحبي من الجنّ كان استمع أخبار السماء حين كلّم الله موسى في طور سيناء!