ومن الكاهنات : كاهنة ذي الخلصة ، والكاهنة السعديّة ، والكاهنة الشعثاء ، والزرقاء بنت زهير وطريفة الكاهنة امرأة عمرو بن عامر (١) وكان قد يلتحق ببعضها بغايا أيضا (٢) ، ويسمّون الذي يخبر الكاهن : الرئي.
ولذلك فهم كانوا يؤمنون بالجنّ ويخافونها ويتعبّدونها ويجعلون بينها وبين الله نسبا ، وإن كانت هي مظاهر الشرّ عندهم ، وكما كانوا يجعلون الملائكة بنات الله وهي مظاهر الخير والرحمة : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ)(٣) ولعلّها من ثنويّة هؤلاء الوثنيّين متسرّبة إليهم من ثنويّة المجوس أيضا.
صحيح أنّ كثيرا من هؤلاء كانوا يعدّون الجنّ والملك والأرواح والأوثان والأصنام من شفعائهم عند الله كما حكى القرآن الكريم : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى)(٤) لكنّها لم تكن للنجاة من النار بل (اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا)(٥) و (اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ)(٦).
ذلك أنّهم كانوا لا يؤمنون ببعث ولا نشور : (وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا (حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ)(٧) و (قالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ
__________________
(١) مجمع الأمثال للميداني ١ : ١٩ و ٢ : ٥٤ وابن هشام ١ : ١٦ في الهامش.
(٢) المحبر : ١٨٤.
(٣) الأنعام : ١٠٠.
(٤) الزمر : ٣.
(٥) مريم : ٨١.
(٦) يس : ٧٤.
(٧) الجاثية : ٢٤.