بِمَبْعُوثِينَ)(١) و (ضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ)(٢) فلم تكن قرباهم للنجاة من النار.
نعم كان حجّهم الأعظم إلى الكعبة الإبراهيميّة وقد بقي فيهم منه ومن حجّه بعض السنن مزيجا بالبدع الجاهليّة : منها أشهر الحجّ المعلومات الحرم : رجب وذو القعدة وذو الحجّة والمحرّم ، فكانت فرصة لبعدائهم عن الأماكن المقدّسة للوصول إليها دون أن تمسّ نذورهم ، فكانوا فيها يتّجرون ويميرون ويقيمون أسواقهم كسوق عكاظ.
ويقول ابن حبيب في «المحبّر» : كانوا يلبّون ، فكانت قريش تقول : لبّيك اللهم لبّيك ، لا شريك لك إلّا شريك هو لك ، تملكه وما ملك. تخاطب إساف.
وكانت تلبيتهم لودّ : لبّيك اللهم لبّيك ، لبّيك معذرة إليك.
وكانت تلبيتهم للّات : لبّيك اللهم لبّيك ، كفى بيتنا بنيّه ، ليس بمهجور ولا بليّه ، لكنّه من تربة زكيّه ، أربابه من صالحي البريّة.
وكانت تلبيتهم للعزّى : لبّيك اللهم لبّيك ، لبّيك وسعديك ما أحبّنا إليك.
وكانت تلبيتهم لذي الخلصة : لبّيك اللهم لبّيك ، لبّيك بما هو أحبّ إليك (٣).
فالحمس من قريش وكنانة وخزاعة يطوفون بثيابهم ، والحلّة يطوفون عرايا.
ويصوّر الأزرقي في كتابه «أخبار مكّة» طواف العريان فيقول : يبدأ بإساف فيستلمه ثمّ يستلم الركن الأسود ، ثمّ يجعل الكعبة عن يمينه ويطوف سبعا فإذا ختم
__________________
(١) الأنعام : ٢٩.
(٢) يس : ٧٨.
(٣) أخبار مكّة للأزرقي ١ : ١١٤.