استلم الحطيم أو ركن الحجر الأسود ثمّ استلم نائلة فختم طوافه ، ثمّ يخرج فيجد ثيابه فيلبسها ويمضي (١).
وقد فصّل الكلبي المؤرّخ الشهير المتوفّى في ٢٠٦ ه ديانات العرب قبل الإسلام فقال :
«إنّ حمير كانت تعبد الشمس وكنانة كانت تعبد القمر وقيس كانت تعبد الشعرى ، ولخم كانت تعبد المشتري ، وطيء كانت تعبد نجمة السهيل ، وأسد كانت تعبد العطارد ، وتميم كانت تعبد الدبران ، وبنو مليح كانوا يعبدون الجنّ ، وأكثر العرب الأوثان والأصنام.
وإنّ أوّل من جاء بها إلى مكّة هو : عمرو بن لحيّ ، وكانوا في أوّل أمرهم يقولون : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى)(٢) ثمّ رأوا فيهم قوّة دون قدرة الله ، فكانوا يتمسّحون بها إذا أرادوا السفر ، واتّخذوا من أحجار الصحراء أصناما يعبدونها كما يتّخذون عددا آخر منها أثافي لقدورهم. كانوا يرون أنّهم بالقربان للأوثان يجلبون رضاها ، فإذا قرّبوا لها قربانا تلطّخوا بدمائه ، وكانوا يتقاسمون بالأزلام عندها ، وهي سهام اصطلحوا على بعضها أنّها أمر وعلى بعضها الآخر أنّها نهي ، فيعملون كما تخرج لهم ، وقد أصبحت الكعبة بيتا مركزيّا للأوثان أكثر من ثلاثمائة وستّين ، منها اللات والعزّى ومناة ، اللاتي كانت قريش تزعم أنّها بنات الله تعالى فتعبدها واللات بدورها أمّ سائر الآلهة وكان مقرّها بالطائف ، وأمّا مناة فهي ربّ الأعمار والآجال ، ومقرّها بين مكّة والمدينة» (٣).
__________________
(١) المصدر نفسه.
(٢) الزمر : ٣.
(٣) الأصنام للكلبي : ٢٢.