وكانت القداح سبعة : فواحد عليه «الله عزوجل» والآخر «لكم» والآخر «عليكم» والآخر «نعم» والآخر «منكم» والآخر «من غيركم» والآخر «الوغد».
فكانوا إذا أرادوا أمرا رجعوا إلى القداح فضربوا بها ثمّ عملوا بما تخرج القداح ، لا يتعدّونه ولا يجوزونه. وكان لهم امناء على القداح لا يثقون بغيرهم.
وكانت العرب إذا كان الشتاء ونالهم القحط وقلّت ألبان الإبل استعملوا الميسر بالأزلام ، فضربوا بالقداح وتقامروا عليها إلّا أنّ قداح الميسر عشرة : سبعة منها لها أنصب ، وثلاثة لا أنصب بها. فالسبعة التي لها أنصب يقال لأوّلها «الفذ» وله جزء واحد ، و «التوأم» وله جزءان ، و «الرقيب» وله ثلاثة أجزاء ، و «الحلس» وله أربعة أجزاء ، و «النافس» وله خمسة أجزاء ، والثلاثة التي لا أنصب لها يقال لها : المنيح والسفيح والوغد.
فكانت الجزور تشترى بما بلغت ولا ينقد الثمن ، ثمّ يدعى الجزّار فيقسّمها عشرة أجزاء ، فإذا قسّمت أجزاؤها على السواء أخذ الجزّار الرأس والأرجل ، ثمّ احضرت القداح العشرة ، واجتمع فتيان الحيّ ، فأخذ كلّ فرقة على قدر حالهم ويسارهم وقدر احتمالهم ، فيأخذ الأوّل الفذّ والثاني التوأم وكذلك سائر القداح على ما سمّينا منها.
فإذا عرف كلّ رجل منهم قدحه دفعوا القداح إلى رجل أخسّ لا ينظر إليها معروف أنّه لم يأكل لحما قطّ بثمن ويسمّى «الحرضة» يؤتى «بالمجعول» وهو ثوب شديد البياض فيجعل على يده ، ويعمد إلى «السلفة» وهي قطعة من جراب فيعصّب بها على كفّه لئلّا يجد مسّ قدح يكون له في صاحبه هوى فيخرجه ، ويأتي رجل فيجلس خلف الحرضة يسمّى «الرقيب» ثمّ يفيض الحرضة بالقداح فإذا نشز منها قدح استلّه «الحرضة» فلم ينظر إليه حتّى يدفعه إلى «الرقيب» فإن خرج من الثلاثة الأغفال التي لا نصيب لها ردّ من ساعته ، وإن خرج أوّلا «الفذّ» أخذ