أي طبيعتين : اللاهوت مع الناسوت ، وحتّى دخل في النصرانيّة أواخرهم : النعمان بن المنذر واخته هند بنت المنذر وبنت ديرا.
وكان في مكّة جوار روميّات (١) وعبدان نصرانيّان من عين تمر بالعراق (٢) ورقيق حبشي نصراني كثير ، وفي الطائف عداس النصراني من نينوى في شمال العراق ، وتنصّر في مكّة قوم قبيل الإسلام منهم عتبة بن أبي لهب ، وعثمان بن الحويرث وورقة بن نوفل (٣).
وفي أواخر القرن السادس الميلادي استطاع يهود اليمن أن يؤثّروا في ذي نؤاس ملك اليمن ، وربّما كان السبب الحقيقي لاستجابته لليهود أنّهم خوّفوه من تغلغل النصرانيّة في بلاده وبذلك تفتح أبواب اليمن لنصارى الحبشة من دون مقاومة ، فأدخلوه في دينهم ، ثمّ انتقموا به من النصارى فدفعوه إلى التنكيل بنصارى نجران وتحريقهم بالنار في ما حفروه لهم من حفر الاخدود في الأرض ، وإذ كانت النصرانيّة يومئذ أحقّ من اليهوديّة قال الله تعالى : (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ ، وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ ، وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)(٤) وانتقم نصارى الحبشة لإخوانهم فأزالوا دولة ذي نؤاس سنة ٥٢٥ م بقيادة أبرهة ، وظلّوا هناك خمسين عاما.
فدعمت النصرانيّة واعتنقها كثيرون وبنيت لها كنائس في أكثر من بلد من أشهرها كنيسة نجران أنشأها أبرهة كما أنشأ كنائس كثيرة في مدن اليمن ، واهتم بزينتها وزخرفتها. ومن أشهرها القليس في صنعاء ، والكلمة تعريب لكلمة الكليسة
__________________
(١) اسد الغابة ١ : ٣٨٧.
(٢) أسباب النزول للواحدي : ٢١٣ ـ ٢٢٠.
(٣) تأريخ اليعقوبي ١ : ٢٥٧ ، طبعة بيروت.
(٤) البروج : ٤ ـ ٨.