ويرى نسّابة العرب أنّ الغساسنة في الشام من أصل يمنيّ ، فهم من عرب الجنوب الذين نزحوا إلى الشمال معها قبائل كثيرة اخرى منها جذام وعاملة وقضاعة وكلب. ويقال إنّهم اصطدموا هناك بعرب من الضجاعمة فتغلّبوا عليهم وسادوا هناك ، ويزعم مؤرّخو العرب أنّ مؤسّس سلالتهم جفنة بن عمرو فهم آل جفنة ، فأقاموا إمارتهم في شرقي الاردن ، وكأنّهم ظلّوا بدوا يرحلون بخيامهم وإبلهم وأنعامهم من مكان إلى مكان في الجابية وجلولاء والجولان وحتّى جلق قرب دمشق ، وقرّبهم الرومان البيزنطيون ومنحوهم ألقابهم واتّخذوهم حاجزا بينهم وبين البدو وغاراتهم ، ومساعدا لهم في حروبهم ضدّ من يؤيّد الفرس من عرب مناذرة الحيرة في العراق.
وليس بأيدينا من الوثائق التأريخيّة ما تبيّن بدقة تأريخ نشأة هذه الإمارة ، إلّا أنّها ظهرت على صفحة التأريخ إثر قضاء الرومان على مملكة تدمر فدمّروها سنة ٢٧٣ م ، ولكنّ تأريخها قبل أواخر القرن الخامس الهجري يحيط به الإبهام والغموض ، وأوّل ملك يمكن الاطمئنان إلى أخباره من الوجهة التأريخيّة هو جبلة الذي غزا فلسطين سنة ٤٩٧ م.
وانتشرت النصرانيّة بين عرب الشام من الغساسنة وعاملة وقضاعة وكلب وجذام ، وكانوا على مذهب المنوفستيين أو اليعاقبة المنسوبين إلى يعقوب البرادعي حوالي الخمسمائة الميلاديّة ، الذي كان يرى للمسيح أقنوما واحدا أي طبيعة بشريّة واحدة غير إلهيّة.
وبكر بن وائل كانوا في ديار بكر فيما بين الشام إلى العراق ويليهم إلى شمال العراق إياد وتغلب ، فنفذت النصرانيّة اليعقوبيّة فيهم أيضا ، بل وتغلغلت في الحيرة قرب الكوفة فسمّوا العباديّين نسبة إلى عبادة الله ، ولكنّهم غير يعاقبة بل نساطرة نسبة إلى نسطوريوس المتوفّى سنة ٤٥٠ م الذي كان يرى أنّ للمسيح أقنومين