ثم سار طسم بن لاوذ بن ارم بن سام بن نوح بعد عملاق بن لاوذ بولده ومن تبعه ، فكان منزلهم باليمامة ، واسمها اذ ذاك جرّ ، وكانت أفضل البلاد وأكثرها خيرا فيها صنوف الشجر والأعناب ، وهي حدائق ملتفة وقصور مصطفّة ، وكثرت طسم فملّكت عليها عملوق بن جديس.
فكان عملوق يحكم طسم وجديس ، ولكن كثرت جديس فملكت عليها الأسود بن غفار. وكان عملوق ظلوما غشوما لا ينهاه شيء عن هواه ، وكان قد قهر على جديس وتعدى عليهم. وترافع إليه زوجان من جديس تنازعا في ولدهما عمن يكون بعد الطلاق فحكم الملك أن يؤخذ الولد منهما ويجعل في غلمانه ، فقالت فيه شعرا ذمّته به وبلغ قولها الملك فغضب ، وأمر أن لا تتزوج امرأة من جديس فتزفّ الى زوجها حتّى تحمل إليه فيفترعها قبل زوجها ، فلقوا من ذلك ذلا طويلا ، ولم تزل تلك حالتهم حتّى تزوجت اخت الأسود ملك جديس ففعل بها كسائر نسائها ، فخرجت تقول شعرا تحرّض به قومها جديس على طسم. فصنع الأسود طعاما كثيرا ودعا إليه عملوق ومن معه من رؤساء طسم باليمامة فأجابوه ، فوثبت جديس عليهم بأسيافهم فقتلوهم عن آخرهم ومضوا الى ديارهم فانتهبوها.
قال المسعودي : وسار بعد طسم بن لاوذ : وبار بن اميم بن لاوذ بن ارم بن سام بن نوح ، بولده ومن تبعه من قومه ، فنزل برمل عالج ، وأصابهم نقمة من الله فهلكوا لبغيهم في الأرض.
وسار بعد وبار بن اميم : عبد ضخم بن ارم بن سام بن نوح بولده ومن تبعه فنزلوا الطائف ، ثم هلك هؤلاء ببعض غوائل الدهر فدثروا ، ولهم ذكر في الشعر الجاهلي.
وسار بعد عبد ضخم بن ارم : جرهم بن قحطان بولده ومن تبعه ، وطافوا البلاد حتّى أتوا مكّة فنزلوها (بعرفات ، وبعد ظهور زمزم نزلوا حول البيت بمكّة).