فلما امر كسرى عدي بن زيد أن يدخلهم عليه ، جعل يدخلهم رجلا رجلا ، فاذا سألهم : هل تكفوني ما كنتم تكفون؟ قالوا : لن نكفيك العرب! الا النعمان فانه لما دخل عليه قال له : هل تستطيع أن تكفيني العرب؟ قال : نعم! قال : فكيف تصنع باخوتك؟ قال : ان عجزت عنهم فأنا عن غيرهم أعجز!. فملّكه وكساه وألبسه اللؤلؤ! فخرج وقد ملّك عليهم.
وكان الأسود بن المنذر يحضنه أهل بيت أشراف من الحيرة يقال لهم بنو مرينا ، وكان منهم رجل شاعر مارد يقال له عدي بن أوس بن مرينا ، لمّا رأى ذلك أمر قوما من خاصة النعمان وأصحابه أن يذكروا عديّ بن زيد عنده ويقولوا : انه يزعم أن الملك (النعمان بن المنذر) عامله وأنه هو ولّاه ولولاه ما ولّي ، وكلاما نحو هذا!
فلم يزالوا يتكلمون بذلك بحضرة النعمان حتى أحفظوه وأغضبوه على عديّ بن زيد. فكتب النعمان إليه : عزمت عليك ألّا زرتني! فاستأذن كسرى ، وقدم عليه ، فأمر النعمان بحبسه في حبس لا يصل إليه فيه أحد!.
فجعل عديّ يقول الشعر في محبسه ويستعطف النعمان ويذكر له حرمته ويعظه بذكر الملوك المتقدّمين ، فلم ينفعه ذلك. وجعل أعداؤه من آل مرينا يحمّلون عليه النعمان ويقولون له : إن أفلت قتلك وكان سبب هلاك!.
وكان لعديّ عند كسرى أخوان يقال لأحدهما ، ابيّ ، والآخر : سميّ ، وابنه عمرو بن عديّ ، فكتب إليهم شعرا .. فقام أخوه وابنه ومن معهما الى كسرى فكلّماه في أمره.
فكتب كسرى الى النعمان يأمره بتخلية سبيله ، ووجّه في ذلك رسولا ... وابتدأ الرسول به ... فبلغ النعمان مصير رسول كسرى الى عديّ ، فلما خرج من