ذلك وثنين وعبدا تقربا بهما الى الله تعالى. فبعث الله على جرهم الرعاف والنمل وغير ذلك من الآفات ، فهلك كثير منهم. وكثر ولد اسماعيل وصاروا ذوي قوة ومنعة فغلبوا على أخوالهم جرهم وأخرجوهم من مكّة فلحقوا بجهينة في موضع يقال له : أضم ، فأتاهم في بعض الليالي السيل فذهب بهم. وصارت ولاية البيت في ولد اياد بن نزار ابن معد ثمّ الى خزاعة. ثم الى قصي (١).
وقد روى الكليني في (فروع الكافي) عن الصادق عليهالسلام قال : إنّ جرهم غلبت بمكّة على ولاية البيت ، فكان يلي ذلك منهم كابر عن كابر ، حتّى بغوا واستحلّوا حرمتها وأكلوا مال الكعبة وظلموا من دخلها ، فلمّا بغوا وعتوا واستحلوا فيها بعث الله عزوجل عليهم الرعاف والنمل وأفناهم (٢).
نقل المجلسي ذلك في (البحار) ثمّ نقل عن الفيروزآبادي أنّ النملة هي قروح في الجنب كالنمل وبثور تخرج في الجسد بالتهاب واحتراق ثمّ يرمّ مكانها يسيرا ثم يدبّ الى موضع آخر كالنمل (٣).
وننتقل هنا الى ذكر خبر المدينة يثرب ، واتيان تبّان أسعد أبي كرب اليمني إليها وتهوده بها ومروره في رجوعه بمكّة ، ثمّ خبر أصحاب الاخدود باليمن ،
__________________
(١) مروج الذهب ٢ : ٢٣ ـ ٣١. وروى ابن هشام في سيرته عن ابن اسحاق : أنّ جرهما بغوا بمكّة واستحلوا حلالا من الحرمة ، فظلموا من دخلها من غير أهلها ، وأكلوا ما كان يهدى الى الكعبة من مال ، فلمّا رأى بنو كنانة وبنو خزاعة ذلك أجمعوا لحربهم واخراجهم من مكة ، فآذنوا بالحرب فاقتتلوا ، فغلبت كنانة وخزاعة على جرهم فنفوهم من مكّة فخرج عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي بغزالي الكعبة وبحجر الركن فدفنها في زمزم (ابن اسحاق في السيرة١ : ١١٩). ودفن زمزم (ابن اسحاق في السيرة: ١ : ١١٨). وانطلق هو ومن معه من جرهم الى اليمن ، فحزنوا على ما فارقوا من أمر مكّة حزنا شديدا (ابن اسحاق في السيرة١ : ١٢٠).
(٢) فروع الكافي ٤ : ٢١١.
(٣) وتجده كذلك في سائر كتب اللغة ومنها : المنجد.