فخرج مالك بن العجلان الخزرجي الى تبّع أبي كرب تبّان أسعد بن ملكليكرب (١) فأعلمه بغلبة قريظة والنضير عليهم (٢) فسار أبو كرب اليمني إليهم بجيشه حتّى قتل من اليهود مقتلة عظيمة (٣) وخلّف فيهم ابنا له بين اظهرهم فقتله اليهود ، فزحف إليهم وحاربهم (٤).
وروى الطبري وابن هشام عن ابن اسحاق : أنّ تبّان أسعد قد أقبل من قبل المشرق على المدينة وخلّف بين أظهرهم ابنا له فقتل غيلة. فقدمها مرة أخرى لاستئصال اهلها وهدمها.
وكان في المدينة من أحبار اليهود حبران عالمان راسخان في العلم من بني قريظة أحدهما كعب والآخر أسد ، فلمّا سمعا بما يريده تبّان أسعد من هلاك أهل المدينة وهدمها جاءا إليه فقالا له : أيّها الملك! لا تفعل ذلك ، فانك ان أبيت الّا ما تريد حيل بينك وبينها ولم نأمن عليك عاجل العقوبة! فقال لهما : ولم ذلك؟ فقالا : هي مهاجر نبيّ يخرج من هذا الحرم من قريش في آخر الزمان تكون داره وقراره! فتناهى عند ذلك عمّا كان يريد بالمدينة.
وكان تبّع تبّان أسعد وقومه أصحاب أوثان يعبدونها ، فلمّا سمع منهما ذلك أعجبه فاتّبع دينهما اليهودية وانصرف عن المدينة واصطحبهما معه (٥).
وروى ابن شهرآشوب في (المناقب) عن ابن اسحاق : أن تبّع الأول لمّا سار في الآفاق فوصل الى مكّة فلم يعظّمه أهلها ، غضب عليهم ، فقال له وزيره
__________________
(١) تبّان أسعد اسم مركب كمعديكرب ، وتبّان من التبانة بمعنى الفطانة.
(٢) اليعقوبي ١ : ١٩٧.
(٣) اليعقوبي ١ : ٢٠٤.
(٤) اليعقوبي ١ : ١٩٧.
(٥) تهذيب ابن اسحاق في السيرة١ : ٢٠ والطبري ٢ : ١٠٥.