ما أخبر به القرآن الكريم من سبق اليهودية الى اليمن على عهد بلقيس وسليمان وهم قبل تبّع بسبعة قرون تقريبا ، بينما الخبر المعروف في أكثر التواريخ بأن تبّع الأول كان أوّل من آمن باليهودية بدعوة علماء اليهود في مدينة يثرب وأنه أوّل من دعا أهل اليمن الى ذلك ، لا يوافق كتاب الله كما يأتي.
بل روى الصدوق عن ابن عباس انّه كان يقول : لا يشتبهنّ عليكم أمر تبّع فإنه كان مسلما ، وروي عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : إنّ تبّع قال للأوس والخزرج : كونوا هاهنا حتّى يخرج هذا النبي ، فأمّا أنا فلو أدركته لخدمته وخرجت معه (١).
وروى الطبرسي عن سهل بن سعد عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال : لا تسبّوا تبعا فإنّه كان قد أسلم (٢).
فقرّب النفر الّذين أشاروا عليه من هذيل فقطّع أيديهم وأرجلهم ، ثم مضى حتّى قدم مكّة ، فطاف بالبيت وحلق رأسه ، وأقام بمكّة ستة أيام ينحر بها للناس ويطعم أهلها ويسقيهم.
وأمره ولاة البيت من جرهم بتطهيره ، وأن لا يقرّبوه دما ولا ميتة ، وجعل له بابا ومفتاحا ، وكساه ثيابا يمنية. ثمّ خرج متوجها الى اليمن بمن معه من جنوده والحبرين.
فلمّا وصل الى اليمن دعا قومه الى الدخول في اليهودية. وكانت باليمن نار يتحاكمون إليها فيما يختلفون فيه ، فتأكل الظالم ولا تضرّ المظلوم. فأبوا عليه اليهودية حتّى يحاكموه الى النار. فخرج رجال من قومه بأوثانهم وما يتقرّبون به في دينهم حتّى قعدوا للنار عند مخرجها الّتي تخرج منه ، وخرج الحبران متقلّدين مصاحفهما في اعناقهما حتّى قعدوا عند مخرج النار ، فخرجت النار إليهم فأكلت الأوثان وما قربوا
__________________
(١) اكمال الدين : ١٦٨ ط النجف.
(٢) مجمع البيان ٩ : ٦٦ ، وبه قال البيضاوي في أنوار التنزيل ٢ : ٤١٩.