معها ومن حملها من رجال حمير ، ولمّا أقبلت نحو الحبرين هابوها وحادوا عنها ، فذمرهم من حضرهم من الناس وأمروهم بالصبر لها ، فصبروا حتّى غشيتهم ، وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما تعرق جباههما ولم تضرّهما. فأجمعت عند ذلك حمير على اليهودية.
فكذلك كان أصل اليهودية باليمن (١).
ولا يظهر من خبر تبّع تبّان أسعد بن كليكرب هذا وتهود اليمن معه أكان قبل نسخ اليهودية بشريعة عيسى عليهالسلام أو بعد ذلك ، الّا انّه كان بعد بلقيس وسليمان بن داود ـ وهو من أنبياء بني اسرائيل بعد موسى ـ كان بعدهم بسبعة قرون تقريبا كما في التواريخ ، وبعد تبّع تبّان أسعد هذا بمدة غير قصيرة استولى على اليمن الثالث من أولاده بعد حسّان وعمرو : زرعة ابن تبّان أسعد ، يكنى ذا نؤاس ، وشاع أتباع دين المسيح عليهالسلام على عهده في مدينة نجران ، فجعل يطلبهم ويحرّقهم بالاخدود. وروى ابن هشام عن ابن اسحاق (٢) والطبري عنه وعن الكلبي (٣) : انّ زرعة ذا نؤاس تهوّد فتسمّى يوسف والتبس هذا على المسعودي فذكره : يوسف ذو نؤاس بن زرعة (٤).
__________________
(١) تهذيب ابن اسحاق في السيرة٢٠ ، ٢١. والطبري ٢ : ١٠٥ ـ ١٠٨ كذا ، وتبّع هذا هو الملك العشرون من ملوك اليمن المعروفين المعدودين في كتب التاريخ ، والعاشر هي بلقيس ثمّ سليمان بن داود ثم ابنه أرحبعم بن سليمان. وسليمان من أنبياء بني اسرائيل من بعد موسى ، والبعد الزمني بين بلقيس وسليمان وتبّع هذا حسب كتب التأريخ سبعة قرون تقريبا ، ومعنى هذا أنّ اليمن كانت مسبوقة باليهودية كما حكى القرآن الكريم (وَجَدْتُها وَقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللهِ) (النمل : ٢٤) لا الأوثان والعجب ان لم اجد من المؤرخين من تنبّه لذلك أو تعرض له.
(٢) ابن اسحاق في السيرة١ : ٣١ ، ٣٢.
(٣) الطبري ٢ : ١١٩.
(٤) مروج الذهب ٢ : ٥٢.