عنّا ، فلا نقدر على ان نتناولها بالجنود ، ولكنّي سأكتب لك الى ملك الحبشة ـ فانّه على هذا الدين وهو أقرب الى بلادكما منّا ـ فينصرك. وكتب معه قيصر الى ملك الحبشة يأمره بنصرهم على من بغى عليهم. هذا على رواية ابن اسحاق (١).
وعلى رواية هشام الكلبي : قدم على ملك الحبشة رأسا ، ومعه إنجيل قد أحرقت النار بعضه ، فأعلمه ما ركبه ذو نؤاس منهم. فقال له : الرجال عندي كثير وليست عندي سفن ، وأنا كاتب الى قيصر أن يبعث إليّ بسفن أحمل فيها الرجال. فكتب الى قيصر بذلك وبعث إليه بالإنجيل المحرّق. فبعث إليه قيصر بسفن كثيرة (٢).
فوجّه النجاشي الى اليمن أربعة آلاف رجل عليهم أرياط بن أصحمة (٣) فعبرت الحبشة الى اليمن من بلاد ناصع والزّيلع ـ وهو ساحل الحبشة ـ الى بلاد غلافقة من ساحل زبيد من أرض اليمن (٤) وعرض البحر بين الساحلين : مسيرة ثلاثة أيام ، وهو أقل المواضع في البحر عرضا ، وبين الساحلين جزيرة الى جانب الحبشة تسمّى سقطرة ، واخرى الى جانب اليمن تسمّى العقل (٥).
فسار إليهم ذو نؤاس ، فلمّا التقوا افترق قومه وانهزموا بعد حروب طويلة ، فلمّا رأى ذو نؤاس ضرب فرسه فاقتحم به البحر فأغرق نفسه خوفا من العار (٦).
__________________
(١) الطبري ٢ : ١٢٤.
(٢) الطبري ٢ : ١٢٤.
(٣) الطبري ٢ : ١٣٢ بخمسة أسانيد عن ابن عباس وعطاء بن يسار وغيرهما. وذكر العدد عن الكلبي وابن اسحاق سبعين ألفا والأول أوفق بوسائط النقل القديمة قطعا ، والثاني أبعد جدا. أما الاسم : أرياط بن أصحمة ، فهو كما في تهذيب ابن اسحاق في السيرة١ : ٢٤ ومروج الذهب ٢ : ٥٢ ، وفي اليعقوبي ١ : ٢٠٠ : أرياط فقط.
(٤) مروج الذهب ٢ : ٥٢.
(٥) مروج الذهب ٢ : ٥٢.
(٦) تهذيب ابن اسحاق في السيرة١ : ٢٤ واليعقوبي ١ : ١٩٩ ومروج الذهب ٢ : ٥٢.