ويدخلهم فيها ، فسار حتّى قدم نجران ، فجمع من كان بها على دين النصرانية ثمّ عرض عليهم دين اليهودية والدخول فيها ، فأبوا عليه ، فجادلهم وحرص الحرص كله فأبوا عليه وامتنعوا من اليهودية والدخول فيها واختاروا القتل فخدّ لهم اخدودا جعل فيه الحطب وأشعل فيه النار ، فمنهم من أحرق بالنار ومنهم من قتل بالسيف ، ومثّل بهم كلّ مثلة. فبلغ عدد من قتل وأحرق بالنار عشرين الفا.
وأفلت منهم رجل يدعى دوس ذو ثعلبان على فرس له (١). ـ أو جبار ، أو حيار ، أو حيّان ، ابن فيض ، أو قيض (٢) ـ حتّى قدم على صاحب الروم فأخبره بما بلغ ذو نؤاس منهم ، واستنصره عليه. فقال له قيصر : بعدت بلادك من بلادنا ونأت
__________________
وقيل : انّ الذين خدّوا الاخدود ثلاثة : تبّع صاحب اليمن ، وقسطنطين بن هلائي حين صرف النصارى عن التوحيد الى عبادة الصليب ، ونبوخذنصر ملك بابل حين ادعى الربوبية وأمر الناس أن يسجدوا له فامتنع دانيال وأصحابه ، فألقاهم في النار! نقله محققو ابن اسحاق في السيرة١ : ٣٢.
واحتمل التعدد العلامة الطباطبائي في تفسيره (الميزان ٢ : ٢٥٧).
وقال السيد هاشم الحسني في كتابه (سيرة المصطفى : ٢٢) «ذلك ـ ويقصد به خبر اخدود اليمني ـ جاء في بعض التفاسير ولكن لا تؤكده التفاسير الموثوقة ، وليس بعيدا أن يكون من الاسرائيليات التي أدخلها كعب الأحبار وأمثاله».
من هنا يظهر انّ السيد الحسني سامحه الله لم يحسن النظر في روايات أخبار القصّة ، والّا فليس في طريق أيّ رواية من أخبارها كعب الأحبار وأمثاله ، نعم احدى روايات ابن اسحاق تنتهي الى وهب بن منبّه اليماني ، وهو مثل كعب الأحبار ، ولكنّ هذا الخبر لا يتناسب أن يعدّ من الاسرائيليات ، فانّه ليس لصالح بني اسرائيل واليهود بل لصالح النصارى على اليهود ، فكيف يكون من الإسرائيليات؟!
(١) تفسير القميّ ٢ : ٤١٤.
(٢) الطبري ٢ : ١٣٧.