فقال له عبد المطلب : إنّ اصحابك عدوا على سرح لي فذهبوا به فمرهم بردّه!
فتغيظ الحبشي من ذلك وقال لعبد المطلب : لقد سقطت من عيني! جئتني تسألني في سرحك وأنا قد جئت لهدم شرفك وشرف قومك ، ومكرمتكم الّتي تتميّزون بها من كلّ جيل ، وهو البيت الّذي يحجّ إليه من كلّ صقع في الأرض ، فتركت مسألتي في ذلك وسألتني في سرحك!
فقال له عبد المطّلب : لست بربّ البيت الّذي قصدت لهدمه ، وأنا ربّ سرحي الّذي أخذه أصحابك ، فجئت أسألك فيما أنا ربّه ، وللبيت ربّ هو أمنع له من الخلق كلّهم وأولى به منهم!
فقال الملك : ردّوا عليه سرحه. وانصرف عبد المطّلب الى مكّة.
ودخل الملك بالفيل الأعظم وكان فيلا أبيض عظيم الخلقة له نابان مرصّعان بأنواع الدرر والجوهر وقد زيّن بكلّ زينة حسنة وكان الملك يباهي به ملوك الأرض فدخل ومعه الجيش لهدم البيت ، فكانوا اذا حملوه على دخول الحرم أناخ واذا تركوه رجع مهرولا!
فقال عبد المطّلب لغلمانه : ادعوا إليّ ابني ... فلمّا جاءوا بعبد الله أقبل إليه وقال : اذهب يا بني حتّى تصعد أبا قبيس ، ثمّ اضرب ببصرك ناحية البحر فانظر أيّ شيء يجيء من هناك وخبّرني به.
فصعد عبد الله أبا قبيس فما لبث أن جاء طير أبابيل مثل السّيل والليل ، فجاء عبد الله الى أبيه فأخبره الخبر. فقال : انظر يا بنيّ ما يكون من أمرها بعده ، فاخبرني به. فنظرها فاذا هي قد أخذت نحو عسكر الحبشة ، فأخبر عبد المطلب بذلك ، فخرج عبد المطلب وهو يقول : يا أهل مكة اخرجوا الى المعسكر فخذوا غنائمكم!