قال ابن هشام : الأبابيل : الجماعات ، وأمّا السجّيل ، فقد ذكر بعض المفسّرين : أنّهما كلمتان بالفارسية : سنج يعني الحجر ، وجلّ يعني الطين ، جعلتهما العرب كلمة واحدة تعني الحجارة من هذين الجنسين : الحجر والطين ، وهي حجارة شديدة صلبة. والعصف المأكول هو ورق الزرع الّذي لم يقصّب (١) أي أصابته آكلة الديدان فأكلت بعضه وبقي بعضه الآخر.
بينما رجّح الشيخ محمد عبده في تفسيره : أنّ الطير الّذي ورد في الآية الكريمة من الجائز ان يكون من نوع البعوض أو الذباب الّذي يحمل جراثيم بعض الأمراض الفتّاكة ، وأن تكون تلك الحجارة من الطين المسموم الّذي تحمله الرياح يتعلق بأرجل تلك الطيور ، فإذا أصاب انسانا انتقل المكروب الى جسده ، فأحدث فيه بعض الجروح ، وبالتالي ينتهي الى فساد الجسم (٢)!
ولا نجد نحن وجها لهذا التفسير بل التأويل ما دام القرآن ينصّ على أنّها طيور مرسلة بالحجارة. نعم أصيبوا بها بالجدريّ فماتوا به كما مرّ في الخبر عن الصادق عليهالسلام.
وما احبّ أن أعرض لتأويل هذه الطير الأبابيل التي رمت الحبشة بحجارة من سجّيل فجعلتهم كعصف مأكول لأنّي أوثر دائما أن أقبل النصّ وأفهمه كما قبله وفهمه المسلمون الأوّلون حين تلاه النبي ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم (٣) ـ.
وقال سيد قطب : وأنا فيما سبق من مؤلفاتي وحتى في الاجزاء الاُولى
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة١ : ٥٥ ، ورواه الطوسي في التبيان ١٠ : ٤١١ وعنه في مجمع البيان ٥ : ٢٨١ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
(٢) مما جاء في ظلال القرآن ٣٠ : ٢٥١ ، وحياة محمد لهيكل : ١٠٢.
(٣) مرآة الإسلام لطه حسين : ٢٩.