لا يمتنعون منه ، ولكنّ وهرز قال لهم : اقصدوا قصد السودان فلا تبقوا منهم أحدا أمّا حمير والأعراب فكفوا عنهم ، فقتل أكثر الحبشة ، وغنم الفرس من عسكرهم ما لا يعدّ ولا يحصى كثرة.
وأقبل وهرز حتّى دخل صنعاء وفرّق عماله في مخاليف اليمن فغلب على البلاد (١) وكان ذلك سنة ٥٧٥ م (٢).
قال المسعودي : فتوّج وهرز : معديكرب بن سيف بتاج كان معه والبسه بدنة (٣) وقفّازات من الفضة ورتّبه في ملكه على اليمن وكتب بالفتح الى انوشيروان.
وأتت معديكرب الوفود تهنئه بعود الملك إليه ، من أشراف العرب وزعمائها ، وفيهم : عبد المطلب بن هاشم ، وأميّة بن عبد شمس ، وخويلد بن أسد ، وأبو الصلت الثقفي ، فدخلوا إليه وهو في أعلى قصره بمدينة صنعاء ، المعروف بغمدان (٤) وعلى يمينه ويساره أبناء المقاول والملوك.
فتقدم عبد المطلب بن هشام فتمدّحه ، فرحّب بهم معديكرب بن سيف.
__________________
(١) الطبري ٢ : ١٤٢ ـ ١٤٧.
(٢) سيرة المصطفى : ٢٣.
(٣) البدنة هنا : شيء الدرع الّا أنّها تصير قدر البدن فقط.
(٤) غمدان كعثمان ، قصر باليمن بناه يشرخ بن يحصب على أربعة وجوه : أحمر وأبيض وأصفر وأخضر ، وبنى في داخله قصرا بسبعة سقوف بين كل سقفين أربعون ذراعا ، وجعل في أعلاه مجلسا بناه بالرخام الملوّن وجعل سقفه رخامة واحدة ، وجعل على كلّ ركن من أركانه تمثال أسد من شبه كانت الريح تدخل في دبره وتخرج من فيه فيسمع له صوت كالزئير ، وخربه عثمان بن عفّان قاله المسعودي وقال : ورأيته قد انهدم بنيانه وصار تلا عظيما من تراب ، كأن لم يكن. مروج الذهب ٢ : ٢٢٩.