يأخذ بيدي إلى كتاب أستعين به ، فنصحني أن أعود إلى موسوعة التاريخ الإسلامي للشيخ اليوسفي الغروي ، ومن نكد الغربة أني ما سمعت بالشيخ من قبل ، ولا أعرف له عنواناً كي أراسله ، ولم تصل نسخة من الموسوعة إلى هذه الديار كي أطّلع عليها ، وكان أخي الشيخ حسين الفرطوسي قد ترك لي يوم غادر هولندا مجموعة من الكتب التي لم يستطع اصطحابها معه ، وتثاقلت من الذهاب إلى بيته لأخذها من أُسرته ، وشاء حسن الطالع أن أذهب لجلبها ، وما أسعدني بها يوم وقع بصري على الجزء الأوّل من الموسوعة بينها ، فهالني ما وجدت فيه من معلومات تسدُّ خللاً وتوضح صورة وتغيّر مساراً في غير جانب مما كتبته حول سيرة الإسلام باباً لا أظنه يستطيع فتحه في غيره.
وبسبب من شديد إعجابي بذلك الجزء راودني هاجس السَّفر إلى مقرّ إقامة الشيخ ، إذا شعرت بحاجة ماسّة إلى التداول معه في أُمور كثيرة كان الوسواس قد ركبني فيها أيضاً ، ورأيته _ كما حدّثني عنه غير واحد ممن لا اتّهم موضوعيته _ من خيرة من يمكن استشارته ، فهو من المتبحرين في ميادين الفقه والعقيدة والتفسير ، ومن كبار علمائنا المجتهدين ، وهو في ميدان التاريخ بين يديّ بعد أن نظرت في كتابه ، ولكنّ أُموراً لم أستطع دفعها في كتابه ، ولكنّ أُموراً لم أستطع دفعها في حينما حالت دون سفري.
ويوم وفقني الله لحجّ بيته الحرام ، سألته أن يسعدني بلقائه في الديار المقدّسة ، وما أن وطأت قدماي أرض مدينة الرسول المصطفى صلوات الله عليه وآله ، وتحلّلت من زيارته وزيارة أهل بيته عليهم السلام حتي بدأت البحث والتقصّي.
وبعد لأي وصلت إليه ، ولا أُحدثك عن فرحتي بلقائه ، ولا عن حسن استقباله وهو لا يعرفني ، وكأن الرجل أحسّ بحاجتي لوقت يخصّني به على الرغم من ازدحام وقته ، فاندفع إليّ بكلّه هاشّاً باشّاً بخُلق العلماء وسماحتهم.