فتفرقت عند ذلك قريش : فكانت طائفة مع بني عبد مناف على رأيهم يرون أنّهم أحق به من بني عبد الدار لمكانهم في قومهم ، وطائفة مع بني عبد الدار يرون ان لا ينزع منهم ما كان قصيّ جعل إليهم.
فكان مع بني عبد مناف بنو أسد بن عبد العزّى بن قصي ، وبنو زهرة ابن كلاب ، وبنو تميم بن مرّة ، وبنو الحارث بن فهر.
وكان مع بني عبد الدار : بنو مخزوم ، وبنو سهم ، وبنو جمح ، وبنو عديّ بن كعب.
وعقد كلّ قوم على أمرهم حلفا مؤكدا على أن لا يتخاذلوا ولا يسلم بعضهم بعضا :
فيزعمون انّ بعض نساء بني عبد مناف أخرجت لهم جفنة مملؤة طيبا ، فوضعوها لأحلافهم في المسجد عند الكعبة ، ثمّ غمس القوم أيديهم فيها ، فتعاقدوا وتعاهدوا مع حلفائهم ثمّ مسحوا الكعبة بأيديهم توكيدا على أنفسهم ، فسمّوا (المطيّبين).
وتعاقد بنو عبد الدار وتعاهدوا مع حلفائهم عند الكعبة حلفا مؤكدا على أن لا يتخاذلوا ولا يسلم بعضهم بعضا ، فسمّوا (الأحلاف).
ثمّ تداعوا الى الصلح على أن يعطوا بني عبد مناف : السقاية والرفادة ، وأن تكون الحجابة واللواء والندوة لبني عبد الدار كما كانت ، فرضي كلّ واحد من الفريقين بذلك وتحاجزوا عن الحرب (١) هكذا يقتصر هذا الخبر على ذكر بني عبد مناف وبني عبد الدار دون ذكر شخص خاص منهم ، ولكنّه بدأ بذكر عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي ، من بني عبد الدار ، فلا يناسب أن يكون معارضه المعاصر هاشم بن عبد مناف بن قصي ، بل إمّا عبد المطلب أو أحد أبنائه ليمكن أن يكون متزامنا معه معاصرا له من حيث سلسلة النسب.
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة ١ : ١٣٧ ـ ١٤٠.