والخبر الثاني : رواية الطبري أيضا بسنده عن ثور بن يزيد الشامي ، عن مكحول الشامي ، عن شدّاد بن أوس. والظاهر أنّ هذا الخبر هو ما رواه ابن اسحاق عن ثور بن يزيد أيضا الّا أنّه نسي ما بعد ثور من السند فقال «عن بعض اهل العلم ، ولا أحسبه الّا عن خالد بن معدان الكلاعي» ثمّ اختصره وتصرّف فيه ما قد نسيه كالسند ، فقرّب فيه من الخبر السابق اذ قال فيه عن النبي صلىاللهعليهوآله انّه قال : استرضعت في بني سعد ، فبينا أنا مع أخ لي خلف بيوتنا نرعى بهما لنا ، اذ أتاني رجلان عليهما ثياب بيض بطست من ذهب مملوءة ثلجا ، ثمّ أخذاني فشقّا بطني ، واستخرجا قلبي فشقّاه ، فاستخرجا منه علقة سوداء فطرحاها ، ثمّ غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج حتّى أنقياه (١).
بينما نرى في رواية الطبري. بسنده عن ثور بن يزيد نفسه عن مكحول الشامي عن شدّاد بن أوس عن النبي ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ انّه قال : وكنت مسترضعا في بني ليث بن بكر ، فبينا أنا ذات يوم منتبذ من أهلي في بطن واد مع أتراب لي من الصبيان نتقاذف بالجلة (٢) اذ أتانا رهط ثلاثة معهم طست من ذهب ملئ ثلجا ، فأخذوني من بين أصحابي ، فخرج أصحابي هرّابا حتّى انتهوا الى شفير الوادي ... ثمّ انطلقوا هرّابا مسرعين الى الحيّ يؤذنونهم ويستصرخونهم على القوم. فعمد أحدهم فأضجعني على الأرض ... ثمّ شقّ ما بين مفرق صدري الى منتهى عانتي ... ثمّ أخرج أحشاء بطني فغسلها بذلك الثلج ... ثمّ أعادها مكانها. ثمّ قام الثاني منهم ... ثمّ أدخل يده في جوفي فأخرج قلبي ، فصدعه ثمّ أخرج منه مضغة سوداء فرمى بها ... فإذا أنا بخاتم في يده ... فختم به قلبي فامتلأ نورا
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة١ : ١٧٥.
(٢) الجلّة بالفتح : بعر البعير ، ومنه الإبل الجلّالة ، والحيوان الجلّال ، وهذا ما يبعدنا عن تصديق الخبر أيضا.