ويخمد النيران ويعبد الرحمن ويزجر الشيطان ، قوله فصل وحكمه عدل ، يأمر بالمعروف ويفعله وينهى عن المنكر ويبطله.
فقال عبد المطّلب : فهل الملك ساري بإفصاح فقد أوضح لي بعض الايضاح؟
فقال ابن ذي يزن : والبيت ذي الحجب ، والعلامات على النصب ، انّك يا عبد المطّلب لجده غير كذب ، فخرّ عبد المطّلب ساجدا لله! فقال له ابن ذي يزن : فهل أحسست شيئا ممّا ذكرته؟ قال : كان لي ابن كنت به معجبا وعليه رفيقا ، فزوجته بكريمة من كرائم قومي : اسمها آمنة بنت وهب ، فجاءت بغلام سمّيته محمّدا ، مات أبوه وامّه ، وكفلته أنا وعمّه!
فقال سيف بن ذي يزن : انّ الّذي قلت لك كما قلت ، فاحتفظ بابنك واحذر عليه اليهود فإنّهم له أعداء ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا!
ثمّ أمر لكلّ رجل من القوم بعشرة أعبد وعشر إماء وحلي من البرود ومائة من الابل وخمسة أرطال ذهب وعشرة أرطال فضّة وكرش مملوءة عنبرا! وأمر لعبد المطّلب بعشرة أضعاف ذلك وقال : اذا حال الحول فأتني فمات ابن ذي يزن قبل أن يحول الحول (١).
هذا ، وقد سبق في ذكر ملوك اليمن قول المسعودي بأن يكسوم بن ابرهة الأشرم ملك اليمن بعد هلاك أبيه ابرهة بالأبابيل عشرين عاما ، ثمّ ملك أخوه مسروق بن أبرهة ثلاث سنين ، وانّ سيف بن ذي يزن كان قد مضى الى قيصر يستنجده ـ وذلك قبل هلاك يكسوم بأربع سنين ـ فأبى أن ينجده وقال : أنتم يهود والحبشة نصارى ، وليس في الديانة أن ننصر المخالف على الموافق. فمضى الى كسرى
__________________
(١) اكمال الدين : ١٧٤ ـ ١٧٧. ومختصره في قرب الاسناد : ٢٤٦ الحديث ١٢١٦ ، والخرائج والجرائح ١ : ١١٤ الحديث ١٩٠ وأكثر منه في ١٢٩ الحديث ٢١٥.