وقالوا لأبي طالب : يا بن مطعم الطير وساقي الحجيج! لا تغب عنّا ، فإنّا نرى مع حضورك الظفر والغلبة. قال : فاجتنبوا الظلم والعدوان ، والقطيعة والبهتان فإني لا أغيب عنكم.
فقالوا : ذلك لك. فلم يزل يحضر حتّى فتح عليهم.
فقيل : انّ أبا طالب كان يحضر ومعه رسول الله ، فإذا حضر هزمت كنانة قيسا ، فعرفوا البركة بحضوره.
وروي عن رسول الله انّه قال : شهدت الفجار مع عمّي أبي طالب ، وأنا غلام.
وروى بعضهم : انّه شهد الفجّار وهو ابن عشرين سنة ، وطعن أبا براء ملاعب الأسنة فأرداه عن فرسه ، وجاء الفتح من قبله (١).
__________________
(١) اليعقوبي ٢ : ١١٥ ـ ١١٦ وقال قبل هذا : شهد رسول الله الفجار وله سبع عشرة سنة.
وقال ابن هشام : حدثني أبو عبيدة النحوي ، عن أبي عمرو بن العلاء : انّه لمّا بلغ رسول الله أربع عشرة سنة أو خمس عشرة سنة ، هاجت حرب الفجار بين قريش وكنانة وبين قيس عيلان. وشهد رسول الله بعض أيامهم ، أخرجه أعمامه معهم. وقال رسول الله «كنت انبّل مع أعمامي» أي أردّ عليهم نبل عدوّهم اذا رموهم بها.
وقال ابن اسحاق : هاجت حرب الفجار ورسول الله ابن عشرين سنة. وإنمّا سمّي يوم الفجار بما استحلّ هذان الحيّان : كنانة وقيس عيلان من المحارم بينهم فيه (ابن اسحاق في السيرة١ : ١٩٥ ـ ١٩٨).
ولهذا قال في (السيرة الحلبية ١ : ١٢٨) : انّ سبب الفجار كان في رجب الحرام امّا الحرب فكان في شعبان. وبهذا برّر مشاركة أبي طالب ومعه رسول الله في الحرب.
ولكنّ السيد المرتضى رأى انّ هذا التوجيه لا يعتمد على أيّ سند تأريخي ، فلم يجد مجالا للتعويل عليه ، وشك في صحة القصة. (الصحيح ١ : ٩٥).