مكّة» (١) وبما أنّ الخبر مشتمل على جملة «لأهل مكّة» لذلك ذكره البخاري في كتاب الإجارة ، ولذلك فسروا القراريط بأنّها : أجزاء الدراهم والدنانير يشترى بها الحوائج الحقيرة!
ولكن في شرح الحديث في (فتح الباري) نقل عن ابراهيم الحربي انّه كان يقول : انّ العرب ما كانت تعرف القراريط ، وإنمّا هي اسم لمكان في مكّة. ويؤيد هذا أنّ لفظ الخبر في بعض رواياته : بالقراريط ، وفي اخرى : بأجياد ، ممّا يفيد أنّ القراريط وأجيادا اسم لمكان واحد او متداخل او متقارب. ولا يضرّ لفظ : على قراريط ، اذ هو اسم جبل كما نقله الطريحي في (المجمع) عن الجوهري قال «وأما القيراط الّذي جاء في الحديث فقد جاء تفسيره فيه : أنّه مثل جبل احد» فيكون المعنى : أنّه صلىاللهعليهوآله قد رعى الغنم على ذلك الجبل بأجياد ، وهذا هو الأوفق بالاعتبار فانّ الرعي لا يكون في سهل مكّة في البلد.
وحاول بعضهم أن يوجّه فهم البخاري للحديث بما نقل في (فتح الباري) عن بعضهم قولهم : لا يعرف مكان في مكّة بهذا الاسم. وردّه السيد المرتضى العاملي بقوله : انّ عدم معروفيته الآن لا يستلزم عدم معروفيته في ذلك الزمان (٢).
فلا يبقى الّا أن نشك قويا في أن يكون صلىاللهعليهوآله قد رعى لغير أهله بأجر ، ولا يجدي البخاري لفظ رواية عن أبي هريرة : لأهل مكّة ، فإنّ بعضها يقول : لأهلي.
واذا كان الراوي هو أبو هريرة فلم يبق ما يعيّن معنى إجارة رسول الله نفسه لأهل مكّة.
على أنّ أبا هريرة ممّن لا يمكن الاعتماد عليه أصلا.
__________________
(١) فتح الباري وبهامشه البخاري ٤ : ٣٦٣ وابن اسحاق في السيرة١ : وعنه في السيرة الحلبية ١ : ١٢٥ وسيرة دحلان ١ : ٥١.
(٢) الصحيح ١ : ١٠٩.