وقال ابن النديم : كان عالما بالمغازي والسّير والفتوح واختلاف الناس في الحديث والفقه والأحكام والأخبار (١).
أمّا بالنسبة لابن إسحاق : فقد عقد الخطيب البغدادي في كتابه «تأريخ بغداد» وكذلك ابن سيّد الناس في كتابه «عيون الأثر» فصلين فنّدا فيهما جميع المطاعن الّتي وجّهت إليه.
وبالنسبة لتشيّعه وقوله بالقدر قالا ما ملخّصه : أمّا ما رمي به من التدليس والقدر والتشيّع فلا يوجب ردّ روايته ، ولا يوقع فيها كبير وهن ، أمّا التدليس فمنه القادح وغير القادح ، ولا يحمل ما وقع هنا من مطلق التدليس على التدليس المقيد بالقادح في العدالة ، وكذلك القدر والتشيّع لا يقتضيان الردّ إلّا بضميمة اخرى لم نجدها هنا.
والعجيب أنّك لا تجد شيئا من هذا التشكيك في عبد الملك بن هشام مهذّب سيرة ابن إسحاق ، فلو كان العيب في هذا الباقي من سيرة ابن إسحاق لشمل الشك ابن هشام أيضا.
وعندئذ نطمئن إلى انّ العيب ليس في هذا الباقي بل فيما قال عنه ابن هشام : «وتارك بعض ما يذكره ابن إسحاق في هذا الكتاب ... أشياء بعضها يشنع الحديث به ، وبعض يسوء بعض الناس ذكره ، وبعض لم يقرّ لنا البكّائي بروايته ، ومستقص ما سوى ذلك».
وعندئذ تجد محور اتّهام التشيّع أيضا. وقد رأينا أنّا إذا استثنينا هذين المتهمين بالتشيّع لم يبق لعامة المسلمين شيء يذكر في السيرة ولا المغازي. وعندئذ ندرك أيضا أنّ السابقين الأولين إلى تدوين سيرة الرسول ومغازيه أي الصدر الأول من تأريخ الإسلام هم من شيعة أئمة أهل البيت عليهمالسلام أو المقاربين لهم المتّهمين بهم.
__________________
(١) الفهرست : ١٤٤.