وليس يقتضي علمه صلىاللهعليهوآله بأن غيره نبيّ أن يتعبّد بشريعته ، بل لا بد من أمر زائد على هذا العلم. ولو ثبت أنّه حج أو اعتمر قبل نبوّته لقطع به على أنّه كان متعبدا ، وبالتظنيّ لا يثبت مثل ذلك. ولم يثبت أنّه تولى التذكية بيده ، ولو ثبت أنّه ذكّى بيده لجاز أن يكون من شرع غيره في ذلك الوقت أن يستعين بغيره في الذكاة فذكّى على سبيل المعونة لغيره ، ولا شبهة في أنّ أكل لحم المذكّى غير موقوف على الشرع ، لأنّه بعد الذكاة يصير مثل كلّ مباح.
وليس لمن قطع على أنّه ما كان متعبدا أن يتعلّق بالقول : بأنّه لو كان تعبّد بشيء من الشرائع لكان فيه متّبعا لصاحب تلك الشريعة ومقتديا به ، وذلك لا يجوز ، لأنّه أفضل الخلق ، واتّباع الأفضل للمفضول قبيح.
ذلك أنّه غير ممتنع أن يوجب الله تعالى عليه بعض ما قامت عليه الحجة به من بعض الشرائع المتقدمة لا على وجه الاقتداء بغيره فيها ولا الاتّباع» (١).
وقال المحقّق أبو القاسم الحلّي ـ طيّب الله رمسه ـ في اصوله : «لو كان متعبّدا بشرع من قبله لكان طريقه الى ذلك إمّا الوحي أو النقل ، ويلزم من الأوّل : أن يكون شرعا له لا شرعا لغيره ، ومن الثاني : التعويل على نقل اليهود ، وهو باطل ، لأنّه ليس بتواتر ، لما تطرق إليه من القدح المانع من إفادة اليقين. ونقل الآحاد منهم لا يوجب العمل ، لعدم الثقة.
ولو كان متعبّدا بشرع غيره لوجب عليه البحث عن ذلك الشرع ، لكنّ ذلك باطل ، لأنّه لو وجب لفعله ، ولو فعله لاشتهر ، ولوجب على الصحابة والتابعين والمسلمين الى يومنا هذا متابعته على الخوض فيه ، ونحن نعلم من الدّين خلاف ذلك» (٢).
__________________
(١) الذريعة الى اصول الشريعة ٢ : ٥٩٥ ، ٥٩٦ ط جامعة طهران.
(٢) كما في البحار ١٨ : ٢٧٥ ـ ٢٧٦ باختصار. أما في كتابه «معارج الأصول»