أبي عمر بن الخطاب ، وكان زيد يرغب عن عبادة الأصنام ويعيبها ، فأولع به عمّه الخطاب سفهاء مكّة وسلّطهم عليه فآذوه ، فصار الى الشام يبحث عن الدّين فسمّته النصارى ومات بالشام (١).
فعدّوا ابنه سعيد بن زيد أحد العشرة المبشرة بالجنة (٢) وعدّوه من الحنفاء حتّى أنّهم رووا : أنّ زيدا مرّ على النبيّ صلىاللهعليهوآله وهو يأكل مع سفيان ابن الحرث من سفرة قدّمت لهما فيها شاة ذبحت لغير الله تعالى ، فدعواه الى الطعام فرفض زيد وقال : أنا لا آكل ممّا تذبحون على أنصابكم ، ولا آكل الّا ما ذكر اسم الله عليه! فمنذ ذلك اليوم لم ير النبيّ يأكل ممّا ذبح على النصب حتّى بعث! (٣).
__________________
(١) مروج الذهب ١ : ٨٢ ـ ٨٩.
(٢) مروج الذهب ١ : ٨٤.
(٣) صحيح البخاري ٥ : ٥٠ و ٧ : ١١٨ وفي شرحه : فتح الباري في شرح صحيح البخاري ٧ : ١٠٨ و ١٠٩. ومسند أحمد ١ : ١٨٩. والسيرة الحلبية ١ : ١٢٣. والروض الانف ١ : ٢٥٦.
والأخير تنبّه الى تساؤل فطرحه يقول : «كيف وفّق الله زيدا الى ترك ما ذبح على النصب وما لم يذكر اسم الله عليه ، ورسوله ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ كان أولى بهذه الفضيلة في الجاهلية ؛ لما ثبت من عصمة الله له».
ولكنّه تساهل في الجواب على هذا التساؤل فقال يعتذر لذلك : «ليس في الرواية أنّه ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ قد أكل من السفرة (!) وعلى فرض أنّه قد أكل فإن شرع ابراهيم عليهالسلام إنمّا جاء بتحريم الميتة لا بتحريم ما ذبح لغير الله تعالى (!) أمّا زيد فلعلّه امتنع عن أكل ما ذبح لغير الله برأي رآه ، لا بشرع متقدم»!
وكذلك رجّح العسقلاني في «فتح الباري في شرح صحيح البخاري» أنّ زيدا قد أدرك ذلك برأيه (!)
ونقول : لئن أدرك ذلك زيد برأيه ولم يدرك النبيّ صلىاللهعليهوآله ذلك ، فلقد كانت النبوّة بزيد أليق منها به صلىاللهعليهوآله ، والعياذ بالله من فضيلة لابن عمّ الخليفة تمحق حتّى فضيلة النبوة!.