في اللفظين المتأخرين من الخبر دون الأوّل ، ولذلك فإنّ الزهري فيما رواه عنه الطبري في حديثه عن فترة الوحي روى اللفظ الأوّل للخبر ثمّ قال : وكان أوّل شيء أنزل عليه (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) حتّى بلغ (ما لَمْ يَعْلَمْ)(١) فقد عوّل على الخبر بلفظه الأوّل لا الأخيرين ، كما فعل البخاري فرواه دونهما ، وان كان مسلم قد رواهما معا.
فالمعوّل على اللفظ الأوّل للخبر دون الآخرين ، حيث أقر راوي الخبر أبو سلمة بنقله عن جابر من دون القول بأن أوّل ما نزل سورة المدّثّر ، وان كان قد أضاف ذلك إليه في اللفظين الأخيرين (فالعهدة) فيهما على الراوي دون جابر ، فليس من باب الظن والاجتهاد من جابر ، كما في «التمهيد» (٢) وعلى هذا فليس القول بأنّ أوّل ما نزل هو سورة المدّثّر من جابر ، بل هو من نسبة أبي سلمة الى جابر ، دون ثبات على هذه النسبة فقد روى هو عنه خلافها أيضا.
نعم لا يمكن تأييد ما في الخبر عنه صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «فجئثت منه فرقا» أي خفت منه خوفا أو فزعت منه فزعا ، لأنّه بظاهره يتنافى مع ما رواه العياشي في تفسيره عن زرارة قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : كيف لم يخف رسول الله فيما يأتيه من قبل الله أن يكون ذلك ممّا ينزغ به الشيطان؟ فقال عليهالسلام : «إنّ الله اذا اتّخذ عبدا رسولا أنزل عليه السكينة والوقار ، فكان يأتيه من قبل الله عزوجل مثل الّذي يراه بعينه» (٣).
__________________
(١) الخبر في التفسير ٢٩ : ٩٠ ط بولاق وفي التأريخ ٣ : ٣٠٤ ـ ٣٠٦. وفي البخاري ١ : ٤ وفي صحيح مسلم ١ : ٩٨ ، ٩٩.
(٢) التمهيد ١ : ٩٤.
(٣) تفسير العياشي ـ وعنه في البحار ١٨ : ٢٦٢.