أصحاب اليمين الى : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ)(١) وتعود فتقول : (لِأَصْحابِ الْيَمِينِ ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ)(٢) وتتابع النعوت والأوصاف فتقول : (فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ)(٣) فما معنى الأوّلين والآخرين من السابقين من أصحاب اليمين؟ فهل كلّ ذلك فيمن استجاب للدعوة الخاصّة السرّية؟ ومن هم؟ وكم هم؟ وما معنى أصحاب الشمال ولم تشملهم الدعوة؟ وكذلك سائر السور الّتي سبقت الواقعة.
ولكن في مقابل كلّ ذلك ممّا يؤيّد سرّية المرحلة الاولى من الدعوة ونزول القرآن فيها : هو ـ من جانب ـ التناسب الكمّي فيما بين ما نزل من القرآن الى سورة الحجر مع تلك الفترة ، ومن جانب آخر : عدم التناسب أو على الأقل استبعاد أن تكون دعوة العشيرة الأقربين قد حصلت حسب آية : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) من سورة الشعراء السابعة والأربعين في ترتيب النزول من دون أن تكون المرحلة السابقة سرّية مكتومة ، أي بعد أن تمرّ على الدعوة زهاء ثلاث سنين من الدعوة العلنية العامّة ، ممّا لا يتناسب ودعوة العشيرة خاصّة بعد كل هذه المدة الطويلة من الدعوة العامّة. اللهمّ إلّا أن نقول : إنّ ذلك كان اتماما للحجة عليهم خاصة ، واعلاناً لوصيّة من بينهم ، وبذلك يُثبت لهم أن دعوته غيبية وأنّه مطمئن من
__________________
(١) الواقعة : ١٣ ـ ١٤.
(٢) الواقعة : ٣٨ ـ ٤٤.
(٣) الواقعة : ٨٨ ـ ٩٤.