كذلك يتنافى مع الدعوة الخاصّة ليوم الدار للأقربين من العشيرة من ناحية ، وأيضا من ناحية اخرى يتنافى مع خبر ابن عبّاس في ترتيب النزول اذ يقتضي نزول المسد بعد الشعراء أو العكس أو استثناء آية الإنذار وما يلازمها من الشعراء ولم ينقل ذلك عنه.
ولكن روى الطبرسي أيضا ما يصلح شأنا لنزول السورة من دون هذه الملازمات ، قال : عن سعيد بن المسيّب قال : كانت لأمّ جميل بنت حرب اخت أبي سفيان قلادة فاخرة من جوهر فقالت : لانفقنّها في عداوة محمّد! قال الطبرسي : ولمّا أنذر النبيّ أبا لهب بالنار قال : إن كان ما تقول حقّا فإنّي أفتدي بمالي وولدي (١) فأنزل الله : (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) بدل القلادة. وهذا لا يستلزم ما كان يستلزمه الخبران عن ابن عبّاس ، ولكنّه يستلزم سبق الإعلان والمجاهرة حتّى حدّ العداء الحادّ من أبي لهب وامرأته.
وقد روى الطبرسي أيضا في شدّة عدائه ونصبه للنبيّ ما يدلّ على ذلك في أوائل الإعلان : عن طارق المحاربي قال : بينا أنا بسوق ذي المجاز ، إذ أنا بشابّ (كذا) يقول : أيّها الناس قولوا : لا إله الّا الله تفلحوا. وإذا برجل خلفه يرميه قد أدمى ساقيه وعرقوبيه ويقول : يا أيّها الناس إنّه كذّاب فلا تصدّقوه. فقلت : من هذا؟ فقالوا : هو محمّد يزعم أنّه نبيّ ، وهذا عمّه أبو لهب يزعم أنّه كذّاب (٢).
فقوله : هو محمّد يزعم أنّه نبيّ ، في جواب : من هذا ، يشعر بأنّ هذا كان في بداياته.
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ : ٨٥٢.
(٢) مجمع البيان ١٠ : ٨٥٢.