فتحادثا ، وكان اناس من صناديد قريش جلوسا في المسجد ، فلمّا دخل العاص سألوه : من كنت تتحدث معه؟ قال : ذلك الأبتر ، فسمّته قريش بالأبتر (١).
وجاء مختصر الخبر عنه في «الدر المنثور» قال : مات عبد الله ، فقال العاص بن وائل السهمي ، قد انقطع نسله فهو أبتر ، فأنزل الله (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)(٢).
ولكنّه أخرج عن الصادق عليهالسلام قال : توفّي «القاسم» ابن رسول الله بمكّة ، فمرّ رسول الله ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ وهو آت من جنازته على العاص بن وائل وابنه عمرو ، فقال (عمرو) حين رأى رسول الله : إني لأشنؤه! فقال العاص بن وائل : لا جرم لقد أصبح أبتر ، فأنزل الله : (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)(٣).
يمتاز هذا الخبر عمّا مرّ بذكر عمرو بن العاص وأنّه هو الشانئ الأبتر وان كان أبوه العاص هو النابز للنبيّ بلقب الأبتر ، ويؤيده ما في «الاحتجاج» للطبرسي عن الحسن بن علي عليهماالسلام في حديث يخاطب فيه عمرو بن العاص يقول له : ثمّ قمت خطيبا وقلت : أنا شانئ محمّدا ، وقال العاص بن وائل (ولم يقل أبوك لأنّه عاهر) : إنّ محمّدا رجل أبتر لا ولد له فلو قد مات انقطع ذكره. فأنزل الله تبارك وتعالى : (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)(٤).
فالخبران الأوّلان عن ابن عباس إنمّا ذكرا نابز النبيّ بلقب الأبتر وأنّه كان العاص بن وائل أبا عمرو بن العاص ، ثمّ لم يذكرا الشانئ له صلىاللهعليهوآله المجاهر له الشنآن. والخبران الآخران عن الصادق والمجتبى عليهماالسلام ذكراهما ، فلا منافاة بينهما ، ولعلّ ابن عباس سالم عمرو بن العاص أو اتقاه فاكتفى بذكر أبيه دونه.
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ : ٨٣٦.
(٢ و ٣) الدر المنثور ٦ : ٤٠١ ، سورة الكوثر.
(٤) الاحتجاج ١ : ٤١١ ، ط. النجف الأشرف.