ولم يستثن عبد الله بن عمرو بن العاص شيئا إذ قال : لو أنّ رجلين من أوائل هذه الامة خلوا بمصحفيهما في بعض هذه الأودية لأتيا الناس اليوم ولا يعرفان شيئا ممّا كان عليه (١).
ومع هذه الحال فمن الطبيعي أن يروج سوق الوضّاعين الكذّابين وأن يصبحوا هم مصدر العلم والمعرفة والثقافة للامة المسلمة. هكذا شاء الحكّام ، وهكذا استحقّ المحكومون إذ ابتعدوا عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام (٢).
أمّا لما ذا حاول بنو اميّة ورواتهم أن يستفيدوا من هذا الفراغ المفتعل بفضل المنع عن الحديث ، للنيل من كرامة الرسول الكريم صلىاللهعليهوآله وسائر المقدّسات الإسلامية؟ فإنّ ذلك يعود إلى :
أ ـ أنّ الحقد والعداء الاموي الموروث من القديم ضد بني هاشم ـ بما فيهم النبيّ صلىاللهعليهوآله ـ لم يدعهم يقتنعوا بأنّه نبيّ مرسل حقّا :
فقد قال أبو سفيان للعبّاس لمّا رأى كثرة زحام الناس على التبرك بماء وضوء النبيّ يوم فتح مكّة : يا عبّاس! والله لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيما! فقال : ويحك إنّها النبوة! فقال : نعم!
وقال معاوية لمّا سمع المؤذّن يقول : أشهد أن لا إله إلّا الله : لله أبوك يا بن عبد الله! لقد كنت عالي الهمّة ، ما رضيت لنفسك إلّا أن يقرن اسمك باسم ربّ العالمين (٣).
__________________
(١) الزهد والرقائق : ٦١.
(٢) والموضوع مهم وبحاجة إلى تحقيق وبحث ، آمل أن اوفق لاخراج كتاب لي في هذا الموضوع.
(٣) انظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٠ : ١٠١ عن أحمد بن أبي طاهر في كتاب «أخبار الملوك».