أن كانوا لا يعرفون كيف يحجّون بل حتّى كيف يصلّون (١) ولذلك تجرّأ ابن الزبير على أن يقدّم الصّلاة قبل الخطبة يوم الجمعة ، كما رواه الشافعي في كتابه «الامّ» عن وهب بن كيسان ، ثمّ قال : كلّ سنن رسول الله قد غيّرت حتّى الصّلاة (٢).
ولذلك نجد الإمام السجّاد عليهالسلام يقول في دعائه يوم الجمعة ويوم الأضحى : «اللهمّ إنّ هذا المقام لخلفائك وأصفيائك ، ومواضع امنائك في الدرجة الرفيعة الّتي اختصصتهم بها قد ابتزّوها. حتّى عاد صفوتك وخلفاؤك مغلوبين مقهورين مبتزّين ، يرون حكمك مبدّلا وكتابك منبوذا ، وفرائضك محرّفة عن جهات شرعك ، وسنن نبيّك متروكة» (٣).
وروى ابن سعد في «الطبقات» عن الزهريّ قال : دخلت على أنس ابن مالك بدمشق وهو وحده يبكي ، فقلت : ما يبكيك؟ قال : لا أعرف شيئا ممّا أدركت ، إلّا هذه الصّلاة وقد ضيعت (٤).
وروى الإمام مالك بن أنس بن مالك في كتابه «الموطّأ» عن جده مالك قال : ما أعرف شيئا ممّا أدركت الناس إلّا النداء بالصلاة (٥). واستثنى الحسن البصري القبلة فقط فقال : لو خرج عليكم أصحاب رسول الله ما عرفوا منكم إلّا قبلتكم (٦).
__________________
(١) كشف القناع عن حجية الاجماع : ٦٧.
(٢) كتاب الام للشافعي ١ : ٢٠٨ وهو رواه في صلاة العيدين! ولكنه لا يناسب كلام وهب ، ولم يتعقبه المحقق النجار الازهري. وروى خبر وهب النسائي في سننه ٣ : ١٩٤ ، والطوسي في الخلاف ١ : ٦٧٤ مختلفاً عما هنا عن الشافعي.
(٣) الصحيفة السجادية : الدعاء ٤٨.
(٤) الطبقات ٧ : ٢٠ وصحيح الترمذي : ٣ : ٣٠٢ وجامع بيان العلم ٢ : ٢٤٤ والزهد والرقائق : ٥٣١ وضحى الإسلام ١ : ٣٦٥.
(٥) الموطأ ١ : ٧٢ الباب ١ ، الحديث ٨ ، وشرحه ١ : ١٢٢.
(٦) جامع بيان العلم ٢ : ٢٤٤.