«أضواء على السّنة المحمّدية» : إنّ الّذين جاءوا بعد عمر ساروا على نهجه في المنع عن الحديث إلّا حديثا كان على عهد عمر (١).
فنتج عن سياسة المنع عن الحديث وعن كتابته أن نسي الناس سنن الرسول صلىاللهعليهوآله حتّى في الصلاة الّتي هي عمود الدّين وركن الإسلام والكتاب الموقوت الّذي يؤدّيه المسلمون في كلّ يوم خمس مرات ، أصبحوا لا يعرفون أحكامها وحدودها ، حتّى أقرب الناس إلى مهبط الوحي والتنزيل الّذين يفترض فيهم أن يكونوا أعرف بأحكام الإسلام وشرائع الدّين ... إذن فكيف بحال غيرهم من عوام الناس؟! وما هو مدى معرفتهم بدينهم وشريعتهم والحال كذلك؟! ولا سيّما الناس البعداء عن منابع الثقافة الإسلامية ، وبالأخصّ فيما يقلّ الابتلاء به.
فقد روى البلاذري في «أنساب الأشراف» والبيهقي في سننه والمتّقي الهندي في «كنز العمّال» عن عبد الرزاق وابن أبي شيبة : أنّ عمران بن الحصين صلّى خلف علي عليهالسلام فأخذ بيد مطرّف بن عبد الله وقال : لقد صلّى صلاة محمّد ولقد ذكّرني صلاة محمّد (٢).
ولا شكّ في أنّ من سنن الرسول في الصّلاة الجهر بالبسملة في الصّلاة فكان علي عليهالسلام يجهر بها ، فبالغ بنو اميّة في المنع عن الجهر بها سعيا في إبطال آثار علي عليهالسلام (٣) حتّى روى النسائي والبيهقي في سننهما عن ابن عبّاس أنّه كان يقول : اللهمّ العنهم فقد تركوا السّنّة من بغض عليّ (٤) حتّى بلغ الحال بالناس على عهد عليّ بن الحسين عليهالسلام
__________________
(١) الطبقات ٣ ق ١ : ٢٠٦ وجامع بيان العلم ١ : ٦٤ والأضواء : ٤٧.
(٢) انساب الاشراف ٢ : ١٨ وسنن البيهقي ٢ : ٦٨ ، وكنز العمّال ٨ : ١٤٣.
(٣) تفسير النيسابوري بهامش تفسير الطبري ١ : ٧٩.
(٤) تعليقة السندي بهامش سنن النسائي ٥ : ٢٥٣.