وخبر ابن اسحاق يتضمّن الدلالة على سبق اسلام أبي بكر ، كما عدّه هو فيمن أسلم بعد علي عليهالسلام وخديجة وزيد بن حارثة ، وأنّه أسلم بعد عثمان : الزبير بن العوام ، وعبد الرحمن بن عوف الزهري ، وسعد بن أبي وقّاص الزهري ، وطلحة بن عبيد الله التيمي وأنّهم استجابوا لأبي بكر فجاء بهم الى رسول الله صلىاللهعليهوآله فأسلموا وصلّوا.
وحيث جاء في عبارة ابن اسحاق أنّهم استجابوا لأبي بكر فجاء بهم الى النبيّ صلىاللهعليهوآله بينما لم يصرّح ابن اسحاق بأنّهم أسلموا بدعوة أبي بكر ، لذلك اضاف ابن هشام هذه الكلمة : «بدعائه» ثمّ نبّه عليه فقال : قوله «بدعائه» عن غير ابن اسحاق (١) وهذا من أمانته ، ولكنّه اجتهاد من ابن هشام ، ولا دليل عليه ، بل ظاهر قول ابن اسحاق أنّهم إنمّا استجابوا لأبي بكر ليأتوا الى الرسول ، وأنّهم إنمّا أسلموا على يد الرسول نفسه ، فالعبارة لا تدلّ على أنّهم أسلموا بدعوة أبي بكر ايّاهم ، بل هي في خلاف ذلك أظهر كما هو واضح.
وكما روى ابن عبد البرّ في «الاستيعاب» ما دلّ على عدم اسلام عثمان بدعوة أبي بكر بل بدعوة الرسول نفسه ، كذلك روى المقدسي في «البدء والتأريخ» رواية مفادها أنّ طلحة ذهب بنفسه الى الرسول فأسلم ، وقالوا : إنّه كان في بصرى الشام ، فسمع من راهب فيه خروج نبيّ في ذلك الشهر اسمه «أحمد» فلمّا قدم مكّة سمع الناس يقولون : تنبّأ محمّد بن عبد الله ، فأتى الى أبي بكر فسأله فأخبره ثمّ أدخله على رسول الله فأسلم (٢).
روى تفصيله الطبرسي عن «دلائل النبوة» بسنده عن ابراهيم بن محمّد بن
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة: ٢٦٦ ـ ٢٦٩.
(٢) البدء والتأريخ ٥ : ٨٢ والبداية والنهاية ٣ : ٢٩ ومستدرك الحاكم ٣ : ٣٦٩.