وقد تعرّض السيد المرتضى في «تنزيه الأنبياء» للمسألة فقال : إن قيل : فما الوجه في الرواية المشهورة : أنّ النبيّ ليلة المعراج لمّا خوطب بفرض الصلاة راجع ربّه تعالى مرّة بعد اخرى حتّى رجعت الى خمس ، وفي الرواية : أنّ موسى عليهالسلام هو القائل له : انّ أمّتك لا تطيق هذا ، وكيف ذهب ذلك على النبيّ صلىاللهعليهوآله حتّى نبّهه موسى عليه؟ وكيف يجوز المراجعة منه مع علمه بأنّ العبادة تابعة للمصلحة وكيف يجاب عن ذلك مع أنّ المصلحة بخلافه؟! ثمّ قال : أمّا هذه الرواية فهي من طريق الآحاد الّتي لا توجب علما وهي مع ذلك مضعّفة (١) ثمّ أجاب سائر الأسئلة بناء على أن تكون الرواية صحيحة.
وقال اليعقوبي : وفي الليلة الّتي اسري به افتقده أبو طالب فخاف أن تكون قريش قد اغتالته أو قتلته ، فجمع سبعين رجلا من بني عبد المطّلب معهم الشفار ، وأمرهم أن يجلس كلّ رجل منهم الى جانب رجل من قريش ، وقال لهم : إن رأيتموني ومحمّدا معي فأمسكوا حتّى آتيكم ، والّا فليقتل كلّ رجل منكم جليسه ولا تنظروني. فوجدوه على باب أمّ هانئ ، فأتى به بين يديه حتّى وقف على قريش فعرّفهم ما كان منه ، فأعظموا ذلك وجلّ في صدورهم ، وعاهدوه وعاقدوه أنّهم لا يؤذون رسول الله ولا يكون منهم إليه شيء يكرهه أبدا (٢).
وقال ابن شهرآشوب : روى أنّه افتقده أبو طالب في تلك الليلة فلم يزل يطلبه ، ووجّه الى بني هاشم يقول : يا لها من عظيمة إن لم أر رسول الله الى الفجر! فبينا هو كذلك اذ تلقّاه رسول الله وقد نزل من السماء على باب أمّ هانئ ، فقال له : انطلق معي.
__________________
(١) تنزيه الأنبياء : ١٢١.
(٢) تأريخ اليعقوبي ٢ : ٢٦. ورواه الراوندي في الخرائج والجرائح ١ : ٨٥ ، الحديث ١٤٠.