فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ)(١).
وهنا قال القمي في تفسيره : إنّها نزلت في أبي جهل بن هشام ونفر من أهل بيته ، وذلك أنّه حلف أبو جهل : لئن رأى النبيّ يصلي ليدمغنّه ، فجاء والنبيّ قائم يصلي (حول الكعبة) ومعه حجر ، ولكنّه جعل كلّما رفع الحجر ليرميه أثبت الله يده الى عنقه ولا يدور الحجر بيده ، ولمّا يرجع الى أصحابه يسقط الحجر من يده. فقام رجل آخر من رهطه فقال : أنا أقتله! فلمّا دنا منه سمع قراءة رسول الله فارعب ، فرجع الى أصحابه وقال : حال بيني وبينه كهيئة الفحل يخطر بذنبه ، فخفت أن أتقدم. فلم يؤمن من أولئك الرهط من بني مخزوم أحد (٢).
وروى السيوطي في «الدر المنثور» زيادة عن ابن عباس قال : كان النبيّ صلىاللهعليهوآله يقرأ في المسجد فيجهر بالقراءة حتّى تأذّى به ناس من قريش حتّى قاموا ليأخذوه ، واذا أيديهم مجموعة الى أعناقهم ، واذا هم لا يبصرون. فجاؤوا ، الى النبيّ فقالوا : ننشدك الله والرحم ـ يا محمّد ـ فدعا النبيّ حتّى ذهب ذلك عنهم ، فنزلت (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ...)(٣) ولعلّه كان هذا بعد ردّ الرسول لهم عند عمّه أبي طالب ، كردّ فعل من أبي جهل بعد فعل الرسول ذلك.
وفي السورة قوله سبحانه : (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ)(٤)
__________________
(١) يس : ٦ ـ ٩.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٢١٢ ونقل مثله الطبرسي في مجمع البيان ١٠ : ٦٤٩.
(٣) الدر المنثور ٥ : ٢٦٩ ، سورة يس.
(٤) يس : ٧٧ ، ٧٨.