قال القمّي في تفسيره : نزلت في أبي طالب عليهالسلام ، فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يقول : يا عمّ قل : لا إله الّا الله ، أنفعك بها يوم القيامة ، فيقول : يا بن أخي أنا أعلم بنفسي. ولكنّه لم يمت حتّى شهد العباس بن عبد المطّلب عند رسول الله : أنّه تكلّم بها عند الموت ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أرجو أن تنفعه يوم القيامة. وقال : لو قمت المقام المحمود لشفعت في أبي وامّي وعمّي ، وأخ كان لي مواخيا في الجاهلية (١).
وروى القميّ هذا الأخير قبل هذا عن أبيه عن محمّد بن أبي عمير عن معاوية وهشام عن الصادق عليهالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآله (٢).
وقال الطبرسي : رووا عن ابن عباس وغيره أنّ قوله : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) نزلت في أبي طالب ، فإنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان يحبّ اسلامه فنزلت فيه هذه الآية ... وفي هذا نظر كما ترى ؛ فإنّ النبيّ لا يجوز أن يخالف الله سبحانه في ارادته ، كما لا يجوز أن يخالفه في أوامره ونواهيه ، واذا كان الله تعالى ـ على ما زعم القوم ـ لم يرد ايمان أبي طالب وأراد كفره وأراد النبيّ ايمانه ، فقد حصل غاية الخلاف بين ارادتي الرسول والمرسل ، فكأنّه سبحانه يقول : انّك ـ يا محمّد ـ تريد ايمانه ولا اريد ايمانه ... مع تكفّله بنصرتك وبذل مجهوده في اعانتك والذبّ عنك ومحبته لك ونعمته عليك ... وفي هذا ما فيه (٣) وقال في سورة الأنعام : وقد ثبت اجماع أهل البيت عليهمالسلام على ايمان أبي طالب ، واجماعهم حجّة ؛ لأنّهم أحد الثقلين اللذين أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله بالتمسك بهما بقوله : «إن تمسكتم بهما لن تضلّوا».
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ١٤٢. ونقل السيّد ابن طاووس في الطرائف ١ : ٤٢٤ عن الواسطي في أسباب النزول عن ابن المفضّل : أنها نزلت في الحارث بن نعمان بن عبد مناف ، قال للنبي يوماً : إنا نعلم أن الذي جئت به حق ويمنعنا من اتباعك أن العرب تتخطفنا من أرضنا ولا طاقة لنا بهم لقلتنا وكثرتهم! فنزلت الآية. وانظر الكشاف ٢ : ١٦٧ وتفسير ابن كثير ٣ : ٣٩٥.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٢٥.
(٣) مجمع البيان ٧ : ٤٠٥ ، ٤٠٦.