روى ابن اسحاق هذا الخبر عن ابن شهاب الزهري عن أمّ سلمة بواسطة قريبها أبي بكر بن عبد الرحمن المخزومي ، ثمّ قال ابن اسحاق : قال الزهري : فحدّثت عروة بن الزبير حديث أبي بكر بن عبد الرحمن عن أمّ سلمة (١) وغاية ما يفيده هذا الخبر تقرير عروة بن الزبير لخبر أمّ سلمة عن الزّبير ، ولم يرد الحديث بذلك عن هجرة الحبشة عن الزبير نفسه ولا بواسطة أحد أبنائه ولا سيّما عروة المحدث المؤرخ! وبعد هذا حدّث ابن اسحاق بحديث الامام الصادق عليهالسلام عن خروج الحبشة على النجاشي ، وغاية ما فيه : أنّهم خرجوا عليه فأرسل الى جعفر وأصحابه قال : فان هزمت فامضوا ... وان ظفرت فاثبتوا ... وخرج الى الحبشة وقد صفّوا له ... فرضوا وانصرفوا ... وليس فيه أن الله أهلك عدوّه وظفر النجاشي. فهذه زيادة في خبر أمّ سلمة. بينما يعوزه ما في حديث الامام الصادق عليهالسلام من تهيئة السفن وركوبهم فيها وانتظارهم لخبره. واذا كان لا بدّ من ترجيح ففي حديث الامام الصادق عليهالسلام من المرجّحات ما ليس في الخبر عن أمّ سلمة.
ولا يفوتنا آخر خبر أمّ سلمة إذ قالت : حتّى قدمنا على رسول الله وهو بمكّة. ثمّ ليس في الخبر ولم يذكر ابن اسحاق أو ابن هشام متى كان هذا الرجوع؟ ثمّ هي تقول : قدمنا ، ولا تستثني أحدا. ولكنّ الظاهر أنّها عوّلت على المعلوم يوم حديثها لقريبها أبي بكر المخزومي. بينما يقول ابن اسحاق : وبلغ أصحاب رسول الله الّذين خرجوا الى أرض الحبشة إسلام أهل مكّة ، فأقبلوا لمّا بلغهم ذلك ، حتّى اذا دنوا من مكّة بلغهم أنّ ما كانوا تحدّثوا به من اسلام أهل مكّة كان باطلا ، فلم يدخل أحد الّا بجوار أو مستخفيا (٢) منهم : عثمان بن عفّان ومعه امرأته رقية بنت رسول الله ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ وأبو سلمة المخزومي ومعه امرأته أمّ سلمة
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة ١ : ٣٦٣.
(٢) ابن اسحاق في السيرة ٢ : ٣.