فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : غدا اخبركم. ولم يستثن (١) فاحتبس الوحي عليه أربعين يوما حتّى اغتمّ النبيّ صلىاللهعليهوآله وشكّ أصحابه الّذين كانوا آمنوا به ، وفرحت قريش واستهزءوا وآذوا. وحزن أبو طالب.
فلمّا كان بعد أربعين يوما نزل عليه جبرئيل بسورة الكهف. فقال رسول الله : يا جبرئيل لقد أبطأت! فقال : انّا لا نقدر أن ننزل إلّا باذن الله (٢).
ونقل الطبرسي في «مجمع البيان» مثله عن محمّد بن اسحاق عن سعيد ابن جبير وعكرمة عن ابن عباس : أن قريشا انفذوا النضر بن الحارث بن كلدة وعقبة بن أبي معيط الى أحبار اليهود بالمدينة وقالا لهم : إنّهم أهل الكتاب الأوّل وعندهم من علم الأنبياء ما ليس عندنا ، فصفا لهم صفة محمّد وخبّراهم بقوله وسلاهم عنه.
فخرجا حتّى قدما المدينة فسألا أحبار اليهود عن النبيّ صلىاللهعليهوآله وقالا لهم ما قالت قريش. فقال لهما أحبار اليهود : اسألوه عن ثلاث فان أخبركم بهن فهو نبيّ مرسل وان لم يفعل فهو رجل متقوّل ، فروا فيه رأيكم : سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأوّل ما كان أمرهم ، فانه قد كان لهم حديث عجيب. وسلوه عن رجل طوّاف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبأه؟ وسلوه عن الروح ما هو؟ فان أخبركم عن الثنتين ولم يخبركم بالروح فهو نبيّ.
فانصرفا الى مكّة فقالا : يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمّد. وقصّا عليهم القصة.
__________________
(١) أي لم يقل : إن شاء الله.
(٢) تفسير القمّي ٢ : ٣١ ، ٣٢ وسند الخبر : حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي بصير عنه عليهالسلام ، فهو صحيح لو لا ما يبدو فيه من الانقطاع بين ابراهيم بن هاشم وابن أبي عمير. والخبر يقتضي أن تكون فترة الوحي الأربعون يوما قبل نزول سورة الكهف ، وستأتي الفترة كذلك في خبر ابن اسحاق الّا أنها خمس عشرة ليلة.