نلت منك وذكرت آلهتهم بخير! فجعل رسول الله صلىاللهعليهوآله يمسح عينيه ويقول : إن عادوا لك فعد لهم بما قلت. ثمّ قال : فنزلت الآية (١).
بينما مرّ في خبر الكليني عن الصادق عليهالسلام أنّ النبيّ قال له : «ان عادوا فعد فقد أنزل الله عذرك وأمرك أن تعود إن عادوا» ممّا ظاهره أن الآية كانت قد نزلت عليه صلىاللهعليهوآله قبل مقابلة عمّار له لا بعدها. وقد مرّ في خبر الطبرسي نفسه : أن الله أخبر بذلك رسوله قبل مجيء عمّار الى الرسول ، فالظاهر أنّ نزول الآيات كان قبل المقابلة لا بعدها ، وعليه فلا محلّ لقوله : «فنزلت الآية» كما لا محل لما أخرجه السيوطي في (الدر المنثور) عن مصنف عبد الرزاق ، وطبقات ابن سعد ، وتفسير ابن جرير الطبري ، والبيهقي في (دلائل النبوة) من طريق أبي عبيدة بن محمّد بن عمّار بن ياسر ، عن أبيه عن آبائه قال : أخذ المشركون عمّار بن ياسر فلم يتركوه حتّى سبّ النبيّ ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ وذكر آلهتهم بخير ، ثمّ تركوه. فلمّا أتى رسول الله قال له : ما وراءك؟ قال : شرّ ، ما تركت حتّى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير! قال : فكيف تجد قلبك؟ قال : مطمئن بالايمان ، قال : فان عادوا فعد ، فنزلت.
وبقوله : فان عادوا فعد ، لا محلّ لما أخرجه السيوطي فيه عن ابن عباس قال : لما أراد رسول الله ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ أن يهاجر الى المدينة قال لأصحابه ... فأصبح بلال وخبّاب وعمّار ... فأخذهم المشركون ... وأمّا عمّار فقال لهم كلمة أعجبتهم ، تقيّة ، ثمّ خلّوا عن بلال وخبّاب وعمّار فلحقوا برسول الله فأخبروه بالّذي كان من أمرهم ... وأنزل الله : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ)(٢).
__________________
(١) مجمع البيان ٦ : ٥٩٧.
(٢) الدر المنثور ٤ : ١٣٢ ، ١٣٣.