فقال أبو طالب : هل تنكرون منها شيئاً؟ قالوا : لا. قال : إن ابن أخي حدّثني ـ ولم يكذبني قط ـ أن الله قد بعث على هذه الصحيفة الأرضة فأكلت كلّ قطيعة واثم وتركت كل اسم هو لله! فإن كان صادقاً أقعلتم عن ظلمنا ، وإن يكن كاذباً ندفعه إليكم فقتلتموه!
فصاح الناس : نعم أنصفتنا يا أبا طالب. ففتحت ثمّ اُخرجت ، فإذا هي مثربة (مقطّعة) كما قال (١).
فأتوا بها وفكّوا الخواتيم ، فاذا فيها «باسمك اللهم» واسم «محمّد» فقط! فقال لهم أبو طالب : اتقوا الله وكفّوا عمّا أنتم عليه. فسكتوا وتفرّقوا.
واجتمع سبعة نفر من قريش على نقضها وقالوا : أخرقها الله ، وهم : مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف ، الّذي أجار النبيّ لمّا انصرف من الطائف. وزهير بن أبي اميّة المخزومي زوج عاتكة بنت أبي طالب (١) وهشام ابن عمرو بن لؤيّ بن غالب ، وأبو البختري بن هشام ، وزمعة بن الأسود ابن المطّلب ... وعزموا أن يقطعوا يمين كاتبها : منصور بن عكرمة ، فوجدوها شلّاء ، فقالوا : قطعها الله.
وفي ذلك قال أبو طالب :
ألا هل أتى بحريّنا صنع ربنا |
|
على نأيهم؟ (٢) والله بالناس أرود |
فيخبرهم : أن الصحيفة مزّقت |
|
وأن كلّ ما لم يرضه الله يفسد |
يراوحها إفك وسحر مجمّع |
|
ولم تلق سحرا آخر الدهر يصعد |
__________________
(١) الخرائج والجرائح ١ : ٨١ الحديث ١٤١.
(٢) وسيأتي عن ابن اسحاق ان امّه عاتكة ، بنت عبد المطّلب وابن اسحاق اقرب الى الاتقان.
(٣) يقصد المهاجرين الى الحبشة. وذكر القصيدة ابن اسحاق في ابن اسحاق في السيرة١ : ١٧ ـ ١٩ ، ستة وعشرين بيتا.