فقال له أبو طالب
: يا بن أخي من حدّثك بهذا؟ وليس يدخل علينا أحد ولا تخرج أنت الى أحد ، ولست في
نفسي من أهل الكذب.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أخبرني ربّي بهذا.
فقال له عمه : ان
ربك الحق وأنا أشهد أنك صادق.
ثمّ جمع أبو طالب
رهطه ، ولم يخبرهم بما أخبره به رسول الله صلىاللهعليهوآله ، كراهية أن يفشوا ذلك الخبر فيبلغ المشركين فيحتالوا
للصحيفة الخبّ والمكر. وانطلق أبو طالب برهطه حتّى دخل المسجد ، والمشركون من قريش
في ظل الكعبة.
فلمّا أبصروه
تباشروا به وظنّوا أن الحصر والبلاء حملهم على أن يدفعوا رسول الله فيقتلوه. فلمّا
انتهى إليهم أبو طالب ورهطه رحّبوا به وقالوا : قد آن لك أن تطيب نفسك عن قتل رجل
في قتله صلاحكم وجماعتكم وفي حياته فرقتكم وفسادكم!
فقال أبو طالب :
قد جئتكم في أمر لعله يكون فيه صلاح وجماعة ، فاقبلوا ذلك منّا ، هلمّوا صحيفتكم
الّتي فيها تظاهركم علينا.
فجاؤوا بها وهم لا
يشكّون أنهم سيدفعون رسول الله إليهم اذا نشروها.
فلمّا جاءوا
بصحيفتهم قال أبو طالب : صحيفتكم بيني وبينكم ، فان ابن أخي قد أخبرني ولم يكذبني
: أن الله عزوجل قد بعث على صحيفتكم الأرضة فلم تدع لله تعالى اسما الا
اكلته وبقي فيها الظلم والقطيعة والبهتان. فان كان كاذبا فلكم عليّ أن أدفعه إليكم
تقتلونه ، وان كان صادقا فهل ذلك ناهيكم عن تظاهركم علينا؟
فأخذ عليهم المواثيق
واخذوا عليه. فلمّا نشروها فاذا هي كما قال رسول الله صلىاللهعليهوآله فاستسرّ أبو طالب وأصحابه وقالوا : أرأيتم أيّنا أولى
بالحزّ والقطيعة والبهتان؟!