وقال ابن اسحاق : خرج رسول الله ـ صلّى الله عليه [وآله] ـ وسلّم إلى الطائف يلتمس النّصر من ثقيف والمنعة بهم من قومه ، ورجاء أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله عزوجل.
وروى عن محمد بن كعب القرظي (١) قال : لما انتهى رسول الله ـ صلّى الله عليه [وآله] ـ وسلّم إلى الطائف عمد الى نفر من ثقيف هم يومئذ سادة ثقيف وأشرافهم ، وهم اخوة ثلاثة : عبد ياليل بن عمرو ، ومسعود بن عمرو ، وحبيب بن عمرو.
فجلس إليهم رسول الله ـ صلّى الله عليه [وآله] ـ وسلّم فدعاهم الى الله وكلّمهم بما جاءهم له من نصرته على الاسلام والقيام معه على من خالفه من قومه.
فقال له أحدهم : أنا أمرط (٢) ثياب الكعبة ان كان الله أرسلك!
وقال الآخر : أما وجد الله أحدا يرسله غيرك؟!
وقال الثالث : والله لا اكلّمك أبدا ، لئن كنت رسولا من الله ـ كما تقول ـ لأنت أعظم خطرا من أن أردّ عليك الكلام ، ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي لي أن اكلّمك (٣). فقام رسول الله من عندهم وقد يئس من خير ثقيف.
وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم ، فأخذوا يصيحون به ويسبّونه ، حتّى ألجؤوه الى حائط (بستان) لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ، وهما فيه ، ورجع عنه من كان يتبعه من سفهاء ثقيف.
__________________
(١) القرظي منسوب الى بني قريظة بالمدينة ، ولد سنة أربعين وتوفي سنة ١٢٠ يروي عن ابن عمر وابن عباس وغيرهما.
(٢) أمرط : أنزع وأرمي به.
(٣) وذكر اليعقوبي خبر هؤلاء الاخوة الثلاثة ٢ : ٣٦. وقال : قعدوا له صفّن فلما مرّ رسول الله رجموه بالحجارة حتى أدموا رجله ، فكان رسول الله يقول : ما كنت ارفع قدماً ولا أضعها إلّا على حجر!