وقال أسعد لمصعب : إنّ خالي سعد بن معاذ من رؤساء الأوس ، وهو رجل عاقل شريف مطاع في بني عمرو بن عوف ، فان دخل في هذا الأمر تمّ لنا أمرنا ، فهلمّ فأتهم.
فجاء مصعب مع أسعد الى محلة سعد بن معاذ فقعد على بئر من آبارهم ، واجتمع إليه قوم من أحداثهم ، فأخذ يقرأ عليهم القرآن.
فبلغ ذلك سعد بن معاذ ، فقال لاسيد بن حضير : بلغني أن أبا امامة أسعد بن زرارة قد جاء الى محلتنا مع هذا القرشي (مصعب بن عمير) يفسد شبابنا! فأته وانهه.
فجاء اسيد بن حضير ، فنظر إليه أسعد فقال لمصعب بن عمير : انّ هذا الرجل شريف فان دخل في هذا الأمر رجوت أن يتم أمرنا ، فاصدق الله فيه.
فلمّا قرب اسيد منهم قال : يا أبا أمامة! يقول لك خالك : لا تأتنا في نادينا ولا تفسد شبابنا ، واحذر الأوس على نفسك!.
فقال مصعب : أو تجلس فنعرض عليك أمرا فان أحببته دخلت فيه ، وإن كرهته نحّينا عنك ما تكرهه. فجلس ، فقرأ عليه سورة من القرآن. فقال اسيد : كيف تصنعون اذا دخلتم في هذا الأمر؟ قال : نغتسل ونلبس ثوبين طاهرين ، ونشهد الشهادتين ، ونصلي ركعتين.
فرمى اسيد بنفسه مع ثيابه في البئر ، ثمّ خرج وعصر ثوبه ثمّ قال : أعرض عليّ. فعرض عليه شهادة أن لا إله الّا الله وأنّ محمّدا رسول الله. فقالها ، ثمّ صلّى ركعتين ثمّ قال لأسعد : يا أبا أمامة ، أنا أبعث إليك الآن خالك ، وأحتال عليه في أن يجيئك.
فرجع اسيد الى سعد بن معاذ ، فلمّا نظر إليه سعد قال : اقسم أنّ اسيدا قد رجع إلينا بغير الوجه الّذي ذهب به من عندنا.