أمّا تمام الخبر عن عكرمة فهو ما رواه الطبري في تفسيره وتأريخه بسنده عنه قال : اقتتل فارس والروم في أدنى الأرض وهي يومئذ أذرعات فهزمت الروم ، فبلغ ذلك النبيّ ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ وأصحابه وهم بمكّة ، فشقّ ذلك عليهم. وكان النبيّ ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ يكره أن يظهر الامّيون من المجوس على أهل الكتاب من الروم ، وفرح الكفار بمكّة وشمتوا ، فلقوا أصحاب النبيّ ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ فقالوا : انكم أهل كتاب والنصارى أهل كتاب ونحن امّيّون ، وقد ظهر اخواننا من أهل فارس على اخوانكم من أهل الكتاب ، وانكم ان قاتلتمونا لنظهرنّ عليكم فأنزل الله : (الم غُلِبَتِ الرُّومُ).
فخرج أبو بكر الى الكفّار فقال : أفرحتم بظهور إخوانكم على إخواننا! فلا تفرحوا ولا يقرّنّ الله أعينكم ، فو الله ليظهرنّ الروم على فارس ، أخبرنا بذلك نبيّنا.
فقام إليه ابيّ بن خلف الجمحي فقال : كذبت يا أبا فصيل!
فقال له أبو بكر : أنت اكذب يا عدوّ الله!.
فقال : اناحبك (اراهنك) عشر قلائص منّي وعشر قلائص منك ، فان ظهرت الروم على فارس غرمت ، وإن ظهرت فارس غرمت ، الى ثلاث سنين.
ثمّ جاء أبو بكر الى النبيّ ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ فأخبره.
فقال : ما هكذا ذكرت ، انما البضع : ما بين الثلاث الى التسع ، فزايده في الخطر (أي الرهن) ومادّه في الأجل.
فخرج أبو بكر فلقي ابيّا فقال : لعلك ندمت ، قال : لا ، تعال ازايدك في الخطر (الرهن) ومدّني في الأجل ، فنجعلها مائة قلوص الى تسع سنين ، فقبل ابيّ (١).
__________________
(١) تأريخ الطبري ٢ : ١٨٤ ـ ١٤٥ وفي التفسير ٢٠ : ١٣ ط بولاق.