ذلك ، فقد صدّقنا قولك وقبلنا كلامك وحقّقنا أملك وأتممنا بغيتك وقضينا حاجتك وحمدنا سعيك وشكرنا حسن ظنّك بنا. ووجّهنا إليك بما سألت من الجيوش والأموال ، وصيّرتك لي ولدا وكنت لك أبا. فاقبض الأموال مباركا لك فيها ، وقد الجيوش وسر على بركة الله وعونه ، ولا يعترينّك الضجر والهلع ، بل تشمّر لعدوك ولا تقصّر فيما يجب لك اذا تطأطأت من درجتك وانحططت عن مرتبتك ، فاني أرجو أن يظفرك الله بعدوّك ويكبّه تحت موطئ قدميك ويردّ كيده في نحره ويعيدك الى مرتبتك برجاء الله تعالى».
وأنجده بعشرين ألفا (لا ستون الف مقاتل كما سبق عن الطبري عن الكلبي) وسيّر له الأموال أربعين قنطارا ذهبا. فلمّا وردت الجيوش على كسرى وقبض الأموال وقرأ الكتاب سار مع جيوش الروم نحو بهرام فلقيه بين المدائن وواسط (لا النهروان ولا آذربايجان) فصارت الهزيمة على بهرام وقتل أصحابه كلهم ، واستباح كسرى پرويز عساكر بهرام ورجع الى مملكته فجلس فيها وبايعه الناس.
ثمّ دعا بالروم فاحسن جائزتهم وصرفهم الى صاحبهم ، وبعث معهم الى موريقي من الألطاف والأموال أضعاف ما كان أخذ منه ، وردّ دارا وميافارقين الى الروم ، وأمر ببناء هيكلين للنصارى بالمدائن وجعل أحدهما باسم السيدة (مريم) والآخر باسم مار سرجيس الشهيد.
أمّا موريقي فبعد مصالحته للفرس قطع أرزاق جنوده ، فاجتمع عظماء الروم الى مدينة هرقلة وأرادوا تمليك أخيه فطري فهرب ، وهرب موريقي الى خلقيدونية ، فلحقته الروم فألفوه وعليه خلقان في زي الفقراء والسؤال فقتلوه في العشرين من ملكه وملّكوا عليهم رجلا من بطارقتهم يقال له فوقا.
فلمّا بلغ كسرى بن هرمز قتل موريقي ، نقض العهد ، وغزا دارا فافتتحها ، وافتتح أيضا آمد وحلب ، ثمّ عطف على قنّسرين ورجع الى الرّها.