من الروم أحد ولم يمنحه الطاعة ، غير أنهم قتلوا فوقا الملك ، وملّكوا عليهم رجلا يقال له هرقل (١) وكان ذلك في سنة ٦١٠ م سنة البعثة ، وكان هرقل (هراكليوس) قائدا روميا في كاراتاز (تونس حاليا) ومنها قدم الى القسطنطينية وتقلد أزمة الامور بمساعدة الشعب (٢) وكان هرقل بن فوق (كذا) بن مرقس يختلف من مدينة سلونيقية ـ وهو من أهلها ـ الى القسطنطينية بالزاد في البحر وهم محاصرون (بحصار شهر براز) فبانت شهامته وظهرت شجاعته وأحبّه أهل القسطنطينية ، فخلا بالبطارقة وذوي المراتب فاغراهم بفوقاس ، وذكر لهم ما نزل بهم في أيامه وذكّرهم بسوء آثاره فيهم وغلبة الفرس على ملكهم بسوء تدبيره وقبح سياسته واقدامه على الدماء ، ودعاهم الى الفتك به ، فأجابوه الى ذلك فقتلوه. واجتمعت البطارقة وغيرهم من ذوي المراتب من الروم وغيرهم بعد قتل فوقاس لاختيار من يصلح للملك ، فوقع اختيارهم ـ بعد خطب طويل وتنازع كثير ـ على هرقل ، فملّكوه. ذكر ذلك المسعودي في «التنبيه والاشراف» ولكنه قال : كان ملكه (هرقل) لثلاث وثلاثين سنة خلت من ملك كسرى پرويز ملك بابل ، فملك خمسا وعشرين سنة ـ وقيل اكثر من ذلك ـ وفي أوّل سنة من ملكه كانت هجرة رسول الله ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ (٣).
بينما قال قبل ذلك في «مروج الذهب» : ثمّ ملك هرقل وكان قبل ذلك بطريقا في بعض الجزائر ، ولسبع (أو تسع) سنين من ملكه كانت هجرة النبيّ ـ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم ـ من مكّة الى المدينة. وهو الّذي ضرب الدنانير والدراهم الهرقلية ،
__________________
(١) الطبري ٢ : ١٨٢.
(٢) التاريخان الفارسيان السابقان.
(٣) التنبيه والإشراف : ١٣٣ ، ١٣٤.