وفي هذه العبارة كأن هرقل هو الّذي أفسد الأمر بين شهر براز وپرويز ، ومالأه عليه ، فخرج عليه ، وتغاضى عنه شهر براز فتجاوزه حتّى فعل ما فعل.
ولكنّه عكس الأمر قبل ذلك في «مروج الذهب» فيقول : ثمّ فسدت الحال بين پرويز وشهريار (كذا) ومايل شهريار ملك الروم ، فسيّره شهريار نحو العراق ، الى أن انتهى الى النهروان ، فاحتال عليه پرويز بكتب كتبها إليه مع بعض من كان في ذمته من أساقفة النصارى في العراق ، فأفسد الحال بينه وبين شهريار حتّى ردّه الى القسطنطينية (١) والأوّل أولى من هذا الثاني البعيد جدّا : أن يكون شهر براز أو شهريار هو الّذي سيّر هرقل نحو العراق. ويترجّح ما في «التنبيه والاشراف» على ما في «مروج الذهب» اذ نسخة الثاني الموجودة والمتداولة هي نسخة سنة ٣٣٢ ه. في موارد متعددة من الكتاب ، والأوّل ألفه سنة ٣٤٥ كما في موارد متعددة من الكتاب أيضا ، وهي سنة وفاة المسعودي ، قد نبّه في «التنبيه» على أنّه حين تأليفه قد بدّل كثيرا من العبارات والمعاني من نسخة «مروج الذهب» التي ألّفها سنة ٣٣٢ ه وزاد فيها كثيرا بحيث اصبحت اضعاف النسخة الاولى (٢) ومعنى ذلك أن ما في «المروج» منسوخ بما في «التنبيه» وأن الثاني تنبيه على ما في الأوّل من منسوخ قد رجع عنه.
ولكنّ الصحيح هو ما في «مروج الذهب» : أن هرقل سار نحو العراق حتّى انتهى الى النهروان ثمّ انصرف راجعا الى القسطنطينية ، لا ما مرّ عن ابن العبري ، فأحرجهم بهذا الكتاب الى الخلاف عليه وطلب الحيل لنجاة أنفسهم منه (٣).
__________________
(١) مروج الذهب ١ : ٣٠٦.
(٢) التنبيه والاشراف : ٨٤ ، ٨٥ و : ١٤٩.
(٣) الطبري ٢ : ١٨٣.