وللطبري رواية عن عكرمة تفصّل السبب في فساد الحال بين كسرى وشهربراز وأخيه فرّخان فتقول : بلغ كسرى أن فرّخان شرب خمرا وقال : لقد رأيتني جالس على سرير كسرى ، فكتب الى شهربراز : اذا أتاك كتابي فابعث إليّ برأس فرّخان.
فكتب شهربراز الى پرويز : أيها الملك ، إنك لن تجد مثل فرّخان ، إن له نكاية وصوتا في العدو ، فلا تفعل. فكتب إليه پرويز : إن في رجال فارس خلفا منه ، فعجّل عليّ برأسه. فراجعه شهربراز أيضا ، فغضب كسرى فلم يجبه.
ثمّ استعمل فرّخان على فارس وأمره بقتل أخيه شهربراز ، فلمّا قرأ الكتاب قدّم أخاه شهربراز ليضرب عنقه ، فقال له : لا تعجل حتّى اكتب وصيّتي ، قال : نعم ، فدعا بسفط فاعطاه ثلاث صحائف وقال : كل هذا راجعت فيك كسرى ، وأنت أردت أن تقتلني بكتاب واحد. فامتنع فرّخان ، واتّفقا على التمرد على كسرى ، فكتب شهربراز الى قيصر ملك الروم (هرقل) : ان لي إليك حاجة لا تحملها البرد ولا تبلغها الصحف ، فالقني ولا تلقني الا في خمسين روميا ، فاني القاك في خمسين فارسيا.
فأقبل قيصر في خمسمائة ألف رومي ، وجعل يضع العيون بين يديه في الطريق مخافة أن يكون قد مكر به ، فأتاه عيونه أن شهربراز ليس معه الا خمسون رجلا. فبسط لهما والتقيا في قبة ديباج ضربت لهما ، مع كل واحد منهما سكّين. ودعوا ترجمانا بينهما. فقال شهربراز لهرقل : ان الذين خرّبوا مدائنك أنا وأخي بكيدنا وشجاعتنا ، وانّ كسرى حسدنا فأراد أن أقتل أخي فأبيت ، ثمّ أمر أخي أن يقتلني ، فقد خلعناه جميعا ، فنحن نقاتله معك.
قال هرقل : قد أصبتما. ثمّ أشار أحدهما الى صاحبه : أن السّر بين اثنين فاذا جاوز اثنين فشا ، فقتلا الترجمان بسكّينهما.